......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الاثنين، 1 أبريل 2013

الإحسان والحسنى والزيادة






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد /
مقدمة
قال الله تعالى : 
" لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [يونس 26]
في هذه الآية عندنا : [ إحسان ]  و  [ حسنى ]  و [ زيادة ]   والحق أن كل كلمة من هذه الكلمات الثلاث تحتاج إلى درس خاص ، لكنني أوريد أن أتكلم بإيجاز عن مدلول هذه  الكلمات ؛ لأبين وجه العلاقة بينها .  
 فما الإحسان وما الحسنى وما الزيادة وما وجه العلاقة بينهن ؟؟؟
أولا : مفهوم الإحسان و بيان مجالاته 
الإحسان : ضد الإساءة ، وتدل كلمة ( إحسان ) على  إجادة الصنع و إتقانه ، قال الله تعالى: "الذي أحسن كل شيء خلقه" (السجدة:7).  وقال أهل العلم في تعريف الإحسان :(( هو الإتيان بالمطلوب شرعاً على وجه حسن ))
فمن أتقن عبادته فقد أحسنها . ومن أتقن عمله فقد أحسنه .  ومن أعان ذا الحاجة فهو محسن . ومن شارك في عمارة المساجد فهو محسن . ومن آذى الخلق بلسانه أو يده فهو مسيء ليس محسنا .....
فالإنسان إما محسنًا وإما مسيئا  ؟  والله تعالى يحب المحسنين ، يقول تعالى : "  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [البقرة 195] و إذا كان الله تعالى يحب المحسنين ،  فإنه بالمفهوم المخالف يكره المسيئين ، فأيكم يريد أن يكون حبيب الرحمن ؟؟ كلكم تريدون ذلك ؛ إذن : كونوا من المحسنين !!
وليتأتى لك ذلك عليك أن تعرف أنواع الإحسان ثم تأتي بها على الوجه المطلوب شرعا.
فالإحسان أنواع شتى ، و له مجالات عدة ، :  وإليك بيانها ، مقرونة بأدلتها الشرعية : 
النوع الأول : الإحسان مع الله : وهو ما أشار إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "[1] ومعنى ذلك : أن تعبد الله وأنت مستحضر قربه منك ، وكأنك تنظر إليه ، موقنا بأنه جل جلاله ينظر إليك ، يراك ويراقب حركاتك وسكناتك ، فلا يلتفت قلبك إلى سواه ، و هذا  هو الإحسان في العبادة .
هناك أناس كثيرون يسيئون في عبادتهم و لا يحسنون  ، يصلون وهم يلتفتون ويقلبون أبصارهم ذات اليمين وذات الشمال ، رؤوسهم بين يدي الله وقلوبهم بين يدي الشيطان !!  ولو استحضروا قرب الله منهم ، وعلموا يقينا أنه يراهم ، أفكانوا يعبدونه على هذا النحو ؟! كـــلا !!
مشكلتنا اليوم أننا نعبد الله ، ولكننا لا نحسن عبادته ! والعبادة الخالية من الإحسان كالجسد بلا روح ، وفيها نظر !! فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للمسيء صلاته : " أرجع صل فإنك لم تصل " [2]
 النوع الثاني : الإحسان في العمل : وهو أن يكون عملك موافقا للشرع ، أي وفق كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – فالمبتدع علمه سيئ  ولو  كان خالصا لله !! والمخالف للشريعة في صلاته أو زكاته أو حجه أو صيامه أو تجارته أو زواجه .........عمله سيئ لا إحسان فيه ، و لا تغني عنه نيته الحسنة شيئا !! فإن الله تعالى إنما يقبل من العمل أخلصه وأصوبه .
ومن الإحسان في العمل : أن تتقن وظيفتك الموكولة إليك ، في أي مجال من المجالات ؟ فتؤديها على الوجه الأكمل بصدق وأمانة وإتقان ، فالمتقن عمله حبيب الرحمن ، " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "[3]  ومن أتقن عمله فقد أحسنه .
النوع الثالث : الإحسان في المعاملات : أي في معاملاتنا مع غيرنا ، ويشمل عدة أمور ، منها :
1-- الإحسان إلى الوالدين: بأن يكون المسلم دائم الإحسان إلى والديه  ، يطيعهما ويقوم بحقهما ، ويبتعد عن الإساءة إليهما ، عملا بقوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا " [الإسراء: 23]
--2 الإحسان إلى الأقارب: خاصة إخوانه وأهل بيته وأقارب والديه، فيتلطف معهم في المعاملة ويزورهم ويصلهم ، ويحسن إليهم . عملا بقوله تعالى:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " (النساء: 1)  وفي الحديث: "   من سرَّه أن يُبْسَطَ له في رزقه وأن يُنْسأ له أثره فليصل رحمه [4] " ، وقال صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فَلْيَصِل رحمه          [5] "  
3-- الإحسان إلى الجار: فالمسلم يحسن إلى جيرانه  ويكرمهم ، امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه " [6] ومن كمال الإيمان عدم إيذاء الجار، قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤْذِ جاره"[7]
4-- الإحسان إلى الفقراء: بالتصدق عليهم ، وألا يبخل عليهم بماله ، وألا ينسى الغني أن الفقير سوف يتعلق برقبته يوم القيامة وهو يقول: رب، سل هذا - مشيرًا إلى الغني- لِمَ منعني معروفه، وسدَّ بابه دوني؟
وعلى المؤمن أن يُنَزِّه إحسانه عن النفاق والمراءاة والمن بإحسانه على أصحاب الحاجة من الضعفاء والفقراء ؛ ليكون عمله خالصًا لوجه الله. قال تعالى: " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم" [البقرة: 263]
5-- الإحسان إلى اليتامى والمساكين: وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يكرم اليتيم ويحسن إليه بالجنة ، فقال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بأصبعيه: السبابة، والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا.

6--الإحسان إلى  الأرامل : قال صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) [8]
7-- الإحسان في القول والمحادثة مع الناس : قال تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" [البقرة: 83]. ولفظ الناس يشمل المسلم والكافر .
8-- الإحسان في المحاورة : قال تعالى:" وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " [ النحل: من الآية125]
9-- الإحسان في التحية: بأن يلتزم المسلم بتحية الإسلام ، ويرد على إخوانه تحيتهم . قال الله تعالى: " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" [النساء: 86]
 10-- الإحسان في تعاملنا مع علمائنا وكبارنا وصبياننا ، وفي الحديث : " لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ" [9]  فمن لم يعرف حق العالِم فقد أساء لذلك تبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
11--الإحسان إلى النفس: فالمسلم يحسن إلى نفسه ؛ فيبعدها عن الحرام ،ويطهِّرها  ويزكيها، فيريحها من الضلال والحيرة في الدنيا، ومن الشقاء والعذاب في الآخرة، قال تعالى: "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها " [الإسراء:7 ]

12-- الإحسان في المظهر والملبس: قال تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" [الأعراف: 31]  والله جميل يحب الجمال.
13- والإسلام يأمر بالإحسان حتى في التعامل مع البهائم والحيوانات: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " بينما كلب يطيف بركية، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، فاستقت له، فسقته إياه، فغفر لها به" [10].  وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شىء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته"[11]
والخلاصة :
أن الإحسان يشمل كافة مجالات الحياة ، ويشمل الدين والدنيا معا .
ثانيا : الحسنى
الحسنى:  هي الجنة ؛ ولنعم دار المحسنين ، و سميت بالحسنى لأنها في غاية الحسن والجمال ،  والحسن جمال لا عيب فيه ، الجميل قد يكون فيه عيب ، قد تكون المرأة جميلة ولكن فيها عيب ما  ؟!  و قد يكون المنزل جميلا  لكن محيطه رديء مثلا  ؟!.. والجمال نسبي ؛ فما أراه أنا جميلاً قد تراه أنت قبيحاً  ، أما الحسن فمتفق على جماله ،  لا يختلف فيه اثنان ،  والحسن من صفات الله عز وجل " ولله الأسماء الحسنى " و قد جعل سبحانه الجنة حسنى .
فما أحســــــــنَ الحسنى !!
أرضها وتربتها : المسك والزعفران . وسقفها: عرش الرحمن. وبلاطها :المسك الأذفر. و حصباؤها: اللؤلؤ والجوهر المرجان. وبناؤها: لبنة من فضة ولبنة من ذهب. و أشجارها:  ما فيها من شجرة إلا وساقها من الذهب والفضة، لا من الحطب والخشب. وثمرها : أمثال القلال، ألين من الزبد ، وأحلى من العسل. وأنهارها: من لبن لم يتغير طعمه و من خمر لذة للشاربين  و من عسل مصفى. وطعام أهلها : فاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون . وشرابهم : التسنيم والزنجبيل والكافور. وآنيتهم: آنية الذهب والفضة ، في صفاء القوارير. وسعة أبوابها: ما بين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام . وظلها : في ظل الشجرة الواحدة يسير الراكب المجد السريع مائة عام لا يقطعها.   وسعتها :أدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام. وخيامها وقبابها :  الخيمة الواحدة من درة مجوفة، طولها ستون ميلا. وارتفاعها : كالكوكب الدري الطالع في الأفق ، الذي لا تكاد تناله الأبصار. وزوجاتها : الحور العين و الخيرات الحسان لم يطمثهن إنس قبلهم و لا جان . وسكانها: عباد منعمون على الدوام  يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ، يضحكون ولا يبكون , ويقيمون ولا يظعنون , ويحيون ولا يموتون , فيها الوجوه المسفرة الضاحكة المستبشرة , فيها الجمال المبين والحور العين , فيها النعيم الدائم , و فيها المزيد حيث يُرفع الحجاب فينظر الفائزون إلى وجه الرحمن الرحيم ....... والخلاصة : (( فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ))
فهل من مشمر إلى الحسنى ؟! قولوا نحن المشمرون إن شاء الله !
أخي إن مت نلق أحبابنا فروضات ربي أعـــدت لنا......وأطيارها رفرفت حولنا فطوبى لنا في ديار الخلود
الله أكبر الله . اللهم صل على الحبيب المصطفى . لمن هذه الحسنى يا تــــــــــــرى ؟؟!
قال تعالى : " وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى" [النجم 31]
الجزاء من جنس العمل
لقد جعل اله تعالى الجزاء من جنس العمل ؛ فجعل جزاء الإحسان الحسنى ، قال تعالى :" هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" فمن أحسن العمل في هذه الدار أكرمه الله بالحسنى ؛ ولنعم الدار ، " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ" [النحل: 30]
ثالثا: الزيادة
وللمحسنين إكرام أكبر  مما ذكرنا – أيها الإخوة – ما هو ؟ إنه الزيادة ! " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىَ زِيَادَةٌ" عنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ هَذِهِ الْآيَةَ "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ" وَقَالَ: " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ أَلَمْ يُثَقِّلْ اللَّهُ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنْ النَّارِ؟" قَالَ: "فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعَطَاهُمْ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ يَعْنِي إِلَيْهِ وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ"[12]
نعم : فالزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ " فاللهم متعنا بلذة النظر إلى وجهك الكريم ، يا الله يا أرحم الراحمين ، لقد علمت يقينا أنك أرحم بي من أمي ، وإن أمي لا ترضى لي أن أحجب عنك بذنوبي ، أفترضاه لي وأنت أرحم الراحمين ! حاش لمجدك أن تخيب عبدا أمضى عمره وهو يرجوك ، وما أظن إلا أنك سترحمني .
إلهي غشَتْنِي ذنوبٌٌٌ فجأةً فصِرتُ والأسَــى      كاللحــد للمَلــــــحودِ في لزومٍ وضيقةٍ
فما لخوفي  انقضا  وفيك رجائي قد ســـما      فاعف يا ذا الجـــودِ وجُــــــدْ بقُــــرْبةٍ

لماذا لا نرى الله في الدنيا ؟
نحن لا نرى الله في الدنيا ، ومستحيل أن نراه ؛ لأن خصائصنا الإنسانية ، وتركيباتنا البشرية الحالية ،  لا تسمح لنا برؤية الله الكبير المتعال ،  نحن لا نستطيع أن نديم النظر  تلقاء نور الشمس ! فأنى لنا أن نرى الله !! " وقال موسى رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى سحقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك "
 [ الأعراف143] ( قال لن تراني ) أي ما دمت على تركيبتك البشرية الحالية .
لكن في الدار الآخرة سنرى الله تعالى ؛ لأنه ستطرأ تعديلات على خصائصنا الإنسانية و تركيباتنا البشرية الحالية ، فأهل الجنة يأكلون ويشربون و لكن لا يبولون ولا يتغوطون ، و يجامعون و لكن لا ينجبون ! وهذا يعني أن هناك تعديل قد طرأ على أجسامهم وخصائصهم ، ولذلك أمكنهم أن يروا الله جل جلاله .
وهناك أمر لآخر :
وهو أن الله خلقنا في هذه الدار ليختبرنا ، أينا أحسن عملا ؟! ولو كنا نرى الله  لبطل هذا الاختبار ، لأننا لو كنا نرى الله تعالى جهرة لما عصيناه ، ولما تبين الصادق من الكاذب ، ولنضرب لذلك مثلا ، ولله المثل الأعلى :
لو كان صاحب العمل حاضر مع عماله يراقبهم ، وهم يرونه أمامهم ، فإنه لا أحد منهم يستطيع أن يخون أو يغش في عمله ، أو يختلس مما أمامه من أموال !! لماذا ؟؟ لأنهم يرون صاحب العمل ؛ وإذن لا يمكن معرفة الخائن من الأمين إلا إذا احتجب عنهم صاحب العمل ، وراح يراقبهم خفية، فهو يراهم وهم لا يرونه ، فهنا سيظهر الخائن من الأمين .
ولله المثل الأعلى : لو كنا نرى الله أمامنا لما تبين الطائع من العاصي ، ومن ثم لم يبق معنى للاختبار ، ولكن الله تعالى أخبرنا أنه يراقبنا ويرانا ، وهنا سيتميز الذين يؤمنون بالغيب عن غيرهم ، فهم يدركون يقينا أن الله يراهم ، و لذلك أحسنوا العمل ، ولما أحسنوا العمل أحسن الله لهم الجزاء ، " لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وزيادة "

وما ذا بعد ذلك ؟ 

 ثم يحل الله رضوانه على أهل الحسنى ، فلا يسخط عليهم أبدا ، فعــن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ,أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
" ان الله عز وجل يقول لاهل الجنة :يا أهل الجنة ! فيقولون :لبيك ربنا وسعديك,والخير فى يديك.فيقول :هل رضيتم؟فيقولون :وما لنا لا نرضى يا رب وقد اعطيتنا ما لم تعط أحد من خلقك ؟!فيقول :ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟فيقولون :يا رب ! وأى شئ أفضل من ذلك ؟فيقول:أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا "[13]

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


[1] [أخرجه البخاري برقم (50) ومسلم برقم 8].
[2] [أخرجه الترمذي في سننه حديث رقم  302]
[3] [أخرجه الطبراني في الأوسط  رقم 897]
[4] (متفق عليه)
[5] أخرجه البخاري
[6] [متفق عليه]
[7] [متفق عليه]
[8] [متفق عليه]
[9] [ أخرجه أحمد في مسنده رقم :22143]
[10] [رواه مسلم في صحيحه]
[11] [ خرجه مسلم برقم: 3615 ]  
[12] [أخرجه أحمد في مسنده رقم 18961] 
[13] [أخرجه البخارى :6549ومسلم:2829]