......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

حكم العقد على المرأة الحامل من الزنى واستلحاق ولد الزنى بأبيه ((دراسة فقهية مقارنة))

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين ، و صحبه الغر الميامين ، ومن والاه إلى يوم الدين.
الجمع الكريم : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، وبعد/  فعنوان هذا البحث المتواضع:
((حكم العقد على المرأة الحامل من الزنى واستلحاق ولد الزنى بأبيه دراسة فقهية مقارنة))
فطبيعة الموضوع  تقتضي أن نسلك في دراسته منهج البحث المقارن ؛ حتى نستطيع أن نتوصل فيه إلى نتائج مقنعة، ويتألف هذا البحث من مبحثين اثنين ، لكل منهما جملة من المطالب والفروع:

المبحث الأول : حكم العقد على المرأة الحامل من الزنى   
تحرير محل النزاع في المسألة
في البداية لا بد من تحرير محل النزاع في المسألة ؛ لتمييز ما هو متفق عليه مما هو مختلف فيه ، وذلك لأن نكاح الحامل له صور متعددة ، وبيانها كلآتي[1] :
1- اتفق العلماء على أنه لا يصح نكاح الحامل من نكاح لغير زوجها قبل وضع الحمل ؛ لقوله تعالى : "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"[2]. أَيْ مَا كُتِبَ عَلَيْهَا مِنَ مدة التَّرَبُّصِ.
2- واتفقوا أيضا على جواز نكاح الحامل المطلقة البائن بينونة صغرى لمن له الحمل (أَيِ الزَّوْجِ السَّابِقِ) ؛ وذلك لأِنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ للزَّوْجِ ، فَلاَ يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّهِ ، وهذه الصورة  تتصور فيمن أراد مراجعة زوجته بعقد ومهر جديدين.                                  
-3 واتفقوا أيضا على أن الحامل من الزنى إذا تزوجت بغير من زنى بها فلا يجوز له وطؤها حتى تضع حملها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره"[3].
إذن : هذه الصور الثلاث هي محل اتفاق فلا خلاف فيها بين أهل العلم ، وإنما اختلف العلماء في صحة نكاح الحامل من الزنى ، أي العقد عليها أثناء فترة الحمل ، فهذا هو المحل المتنازع فيه.

المطلب الأول: مذاهب الفقهاء في حكم العقد على المرأة الحامل من الزنى
اختلف الفقهاء  في حكم العقد على المرأة الحامل من الزنى إلى مذهبين :
المذهب الأول : قال أصحابه : لا يجوز العقد على الحامل من الزنى قبل وضع حملها ، لا من الذي زنى بها ولا من غيره ،  وهو مذهب المالكية والحنابلة ، وإليه ذهب أبو يوسف والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وزفر وابن سِيرِينَ ، وأضاف الحنابلة شرطا آخر لجواز نكاحها بعد وضع حملها ، وهو توبتها من الزنى[4].
المذهب الثاني : قال أصحابه : يجوز العقد على الحامل من الزنى من غير اشتراط  توبتها من الزنى ، وهو مذهب السادة الشافعية ، وإليه ذهب كل من أبي حنيفة في رواية ، وابن حزم الأندلسي  ، لكن هذين الأخيرين جوزا العقد دون الوطء حتى تضع حملها[5]. أما الشافعية فبعضهم جوز الوطء مطلقا ، وبعضهم جوزه مع الكراهة[6] .

المطلب الثاني : أدلة الفقهاء في المسألة ومناقشتها
وفيه فرعان:

الفرع الأول : أدلة القائلين بعدم جواز العقد على الحامل من الزنى

احتجوا بالعديد من الأدلة نذكر منها :
1- قوله صلى اله عليه وسلم :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره"[7].
مناقشة الاستدلال: أنه حجة على الجواز لا على المنع ؛ فإذا كان يحرم على الرجل أن يسقي زرع غيره ، فإنه يجوز له بالمفهوم المخالف أن يسقي زرع نفسه ، وهذا ينطبق تماما على تزوج الزاني بمن زنى بها.
-2 قوله صلى اله عليه وسلم :"لا توطأ حامل حتى تضع"[8].
ووجه الاستدلال: أن الحديث عام في أي حامل سواء كانت حاملا من نكاح أو من سفاح.
يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى– " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توطأ المسبية الحامل حتى تضع مع أن حملها مملوك له ، فالحامل من الزنا أولى أن لا توطأ حتى تضع ، ولأن ماء الزاني وإن لم يكن له حرمة فماء الزوج محترم ، فكيف يسوغ له أن يخلطه بماء الفجور"[9].
مناقشة الاستدلال: أنه محمول على الوطء في ما إذا تزوجها غير من زنى بها ، فلا يجوز له وطؤها حتى تضع حملها ، وهذا خارج عن محل النزاع ؛ فهو مجمع عليه كما تقدم في تحرير محل النزاع ، كما أن الحديث له سبب خاص ، فقد ورد في سبايا أوطاس (واد في هوازن) فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس :" لا توطأ حامل حتى تضع"، وكونه خاصا بالسبايا الحوامل فلا حجة فيه البتة على منع زواج الزاني بمن زنى بها.
-3 ما روي عن ســعيد بن المســيب:  "أَنَّ رَجُلا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا أَصَابَهَا وَجَدَهَا حُبْلَى فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَجَلَدَهَا مِائَةً .[10]"
مناقشة الاستدلال: أن الحديث ضعيف لكونه مرسلا ، وعلى فرض صحته فهو محمول على زواج غير الزاني بالزانية ، وأن تلك المرأة تكون قد دلست على الرجل بقرينة شكواه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ففرق بينهما صلى الله عليه وسلم وجعل لها الصداق بما استحل من فرجها.
-4 احتجوا بالقياس على سائر الحوامل اللائي وقع الإجماع على تحريم نكاحهن ، بجامع العلة المشتركة بينهما ، وهي الحمل[11].
مناقشة الاستدلال: أنه قياس مع الفارق[12] ؛ لان الحامل من نكاح حملها مُحْتَرَمٌ فيمنع نكاحها لِأَجْلِ احْتِرَامِهِ بِخِلَافِ حَمْلِ الزِّنَى فإنه لَا حُرْمَةَ له تَقْتَضِي منع النكاح.
وأيضا أن الأولى حملها ثابت النسب فيمنع نكاحها حفظا لمصلحة النسب ودرءا لمفسدة اختلاط المياه ، بخلاف الحامل من سفاح فحملها لا يلحق بأحد ؛ فيكون وجوده كعدمه ، وإذا تزوجها من من زنى بها فعلة اختلاط المياه منتفية حينئذ.
-5 احتجوا بالمعقول ، فقالوا أن هذا الحمل يمنع الوطء ؛ فيمنع العقد أيضاً ، ولأن المقصود من النكاح هو حل الوطء ، فإذا لم يحل له وطؤها لم يكن النكاح مفيداً .
مناقشة الاستدلال: أن الشافعية قد جوزوا وطأها لمن زنى بها ، لأنه لا يوجد نص صريح يمنعه ، ولو وجد لانتفى فيه الخلاف.

الفرع الثاني : أدلة القائلين بجواز العقد على الحامل من الزنى

احتج الشافعية ومن وافقهم على جواز نكاح الحامل من زنى بأدلة عديدة نذكر منها :
1- قوله تعالى : " وأحل لكم ما وراء ذلكم "[13]  
وجه الاستدلال : أن الآية جاءت بعد ذكر المحرمات من النساء ، وهي عامة فتشمل بعمومها نكاح الحامل من زنى.
مناقشة الاستدلال: أنه عموم مخصص بآيات وأحاديث أخرى حرمت نكاح الزانية ، وقد سبق ذكر طرف منها في أدلة المانعين.
2- قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحرم الحرام الحلال"  [14]
ووجه الاستدلال:  أن الزنى وإن كان محرما فهو لا يحرّم النكاح الذي أحله الله تعالى.
مناقشة الاستدلال: أن الحديث ضعيف لكونه منقطعا أو مرسلا [15]، وعلى فرض صحته فلا حجة فيه على مسألتنا ، لأننا لم نقل بالحرمة مطلقا ، وإنما قيدناها بفترة الحمل ، فإذا وضعت الزانية حملها حلت للزاني بها ولغيره ، والحديث محمول على من زنى بامرأة أنه لا تحرم عليه أمها و لا ابنتها.
3- احتجوا بطائفة من الآثار المروي عن الصحابة رضي الله عنهم ، كعمر ابن الخطاب ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجابر ، وقد روي عن أبي بكر قوله: "إذا زنى رجل بامرأة لم يحرم عليه نكاحها"[16].
مناقشة الاستدلال: أنها آثار معارضة بغيرها ، وأنها اجتهادات فقهاء ليس لها حكم المرفوع ، وأن قول أبي  بكر يمكن حمله على غير الحامل.
– 4 احتجوا بالمعقول :فقالوا أن المنع من نكاح الحامل حملا ثابت النسب ، إنما هو لحرمة ماء الزوج ، أما الحامل من زنى فلا حرمة لماء الزاني ، لكونه لا يثبت به النسب ؛ ولذا فلا يمنع نكاح الزانية الحامل.
مناقشة الاستدلال: أن ماء الزاني وإن لم يكن له حرمة فماء الزوج محترم ، فكيف يسوغ له أن يخلطه بماء الفجور.

المطلب الثالث  : المذهب المختار
بعد هذا العرض الموجز لمذاهب الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها ، ننتقل إلى بيان القول المختار في المسألة ، وقد رأينا بأن أدلة الفريقين تكاد تكون متكافئة من حيث قوتها ودلاتها ، وأنه لا يخلو دليل منها من رد وجيه ، ولقد قمت بقراءة أولية استكشفت من خلالها ما كتب وما قيل في هذه المسألة ، فلم أجد فيها – طبعا حسب اطلاعي - دراسة فقهية مقارنة  متكاملة على هذا النحو ، بحيث تعرض لمفرداتها تفصيلا وتأصيلا ومناقشة وتوجيها ، وإنما وجدت مقالات وفتاوى لا حصر لها ، أغلبها يرجح مذهب المالكية والحنابلة ، وقليل منها يرجح مذهب الشافعية ومن وافقهم.
 وأرى أنه لا يصح الترجيح بإطلاق ، أي من غير تمييز بين ما إذا كان الناكح لها هو غير من زنى بها ، أوكان هو نفسه من زنى بها ، لأن الصورتين مختلفتان ، فينبغي أن تعطى كل صورة الحكم الذي يناسبها ، وأيضا أن الأصوليين نصوا على أنه لا يصار إلى الترجيح إلا إذا تعذر الجمع ، ومن القواعد الأصولية: " الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ "[17] ، وأيضا " الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِمَا أَوْ إِهْمَالِ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ "[18] ، وتطبيقا لهذا المنهج فإنه يجب علينا أن نبحث عن طريقة نوفق بها بين الأدلة المتعارضة للمذهبين ، لأن الغاية من الترجيح إنما هي التخلص من التعارض ، وهذا التخلص ممكن ، وذلك بأن نفصل الصورتين عن بعضهما فنقول :
1- رأي السادة المالكية والحنابلة أرجح في ما إذا كان الذي يريد نكاح الحامل من زنى هو غير من زنى بها ، فهذا لا يجوز له العقد عليها حتى تضع حملها ، ومبنى هذا الترجيح على قَاعِدَة: " الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ " [19] . ومعناها لو تَقَابَلَ فِي الْمَرْأَةِ حِلٌّ وَحُرْمَةٌ غَلَبَت الْحُرْمَةُ ؛ ولهذا لا يجوز التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ ، كما لو اشتبهت امرأة محرمة على رجل بأجنبيات محصورات لم يحل له الزواج بواحدة منهن[20]. وعلى هذا الإختيار يمكن حمل الأدلة التي احتج بها المانعون للعقد على الحامل من زنى ، كقوله صلى الله عليه وسلم :"لا توطأ حامل حتى تضع"[21].
2- رأي السادة الشافعية ومن وافقهم أرجح في ما إذا كان الذي يريد نكاح الحامل من زنى هو نفسه من زنى بها ، فهذا يجوز له العقد عليها وهي حامل ، وله أن يطأها أيضا ؛ لأن الزرع زرعه ولا يمنع أحد من سقي  زرعه ، ومبنى هذا الترجيح على مقاصد الشريعة المعلومة من الدين بالضرورة ، الهادفة إلى الستر وتضييق دائرة الفاحشة ، وإصلاح ما انجر عنها بقدر الإمكان ، وحفظ الأنساب التي لا يتأتى حفظها دون ثبوتها ، ولا يخفى عليكم حجم الأخطار التي تنجم عن ترك الزانية تتربص حتى تضع حملها، فإنها إن لم يقتلها أهلها في المجتمع المحافظ ، ولم تنتحر إن هي شعرت بهدر كرامتها ، فإنها ستصير - بلا شك - معول هدم وفساد للمجتمع ، تنشر الرذيلة ، وتنتقم من كل رجل بسبب من رماها إلى الشارع ، وتنتقم من كل امرأة لتحولها إلى سبيلها ...[22] ، وعلى هذا الإختيار يمكن حمل الأدلة التي احتج بها المجيزون للعقد على الحامل من زنى ، كقوله تعالى : " وأحل لكم ما وراء ذلكم "[23] .
وبهذا نكون قد جمعنا بين أدلة الفريقين ، فحملنا أدلة المانعين على غير صاحب الحمل ، وحملنا أدلة المجيزين على صاحب الحمل.
وللدكتور نور الدين أبولحية رأي وجيه في المسألة الأخيرة ، لم أجده عند غيره ، حيث يرى أنه على ولي الأمر أن يفرض على الزاني التزوج بالزانية التي حملت منه [24] وهو رأي خالف فيه جماهير الفقهاء ، الذين اشترطوا لصحة زواج الرجل بمن زنى  بها أن يتم بالتراضي بينهما ، وألا يُرغم أي منهما على الزواج بحكم القانون ؛ بناء على أن الرضا ركن أساسي لصحة النكاح.
وعلى الرغم من مآخذنا الكثير على كتابات الدكتور نور الدين ، إلا أننا نقر  من باب الإنصاف أن رأيه في هذه المسألة  هو ما تقتضيه أصول الشريعة ، كأصل درء المفاسد وجلب المصالح ، ومنه القاعدة المقصدية " إذا كانت المفسدة هي الغالبة (راجحة على المصلحة) فرفعها هو المقصود شرعا ، ولأجله وقع النهي .."[25] . وكقاعدة " تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة "[26] ، وأي مصلحة يناط به تصرفه إذا لم يتخذ من الإجراءات ما يحفظ للناس أعراضهم وأنسايهم ، ويدرأ الفساد عنهم في عاجلهم وعاقبة أمرهم ، وإن في إلزام الزاني بالتزوج ممن حملت منه سد لذرائع الفساد ، وفيه تحقيق لمقصد الستر لمن تسبب الزاني في فضيحتها ، وليس من العدل ترك المجرم يتفلت من تحمل تبعات جرمه ، ثم أن هذا الرأي لا يخالف منصوصا ، ولو كان كذلك لألقينا به في سلة المصالح الملغاة ، بل له ما يؤيده من تصرفات  الخلفاء ، فعن عمر رضي الله عنه ،  قال: " بينما أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في المسجد إذ جاء رجل فلاث عليه لوثا من كلام وهو دهش ، فقال لعمر: قم فانظر في شأنه ، فإن له شأنا، فقام إليه عمر ، فقال: إن ضيفا ضافه فزنى بابنته ، فضرب عمر في صدره ، وقال: قبحك الله، ألا سترت على ابنتك، فأمر بهما أبو بكر فضربا الحد ، ثم زوج أحدهما الآخر، ثم أمر بهما أن يغربا حولا "[27].
والظاهر في تصرف الخليفة أبي بكر أنه تصرف إلزامي اتخذه بناء على الشكوى التي رفعها ولي القتاة المزنى بها.
هذا والله سبحانه وتعالى وحده أعلى وأعلم بالصواب

المبحث الثاني : حكم استلحاق ولد الزنى بأبيه
وننتقل الآن إلى المبحث الثاني ، لمناقشة مسألة استلحاق ولد الزنى بأبيه.

تحرير محل النزاع في المسألة
1 – أجمع الفقهاء على أن المرأة إذا كانت فراشاً لزوج ، وحملت من زنى فالمولود يلحق بزوجها لا بالزاني ، إلا إذا نفاه الزوج عن نفسه بالملاعنة ، فلا يلحق به حينئذ قولا واحدا[28].
2– أجمع الفقهاء على أن المرأة إذا لم تكن فراشا لأحد (غير متزوجة) وحملت من زنى ولم يستلحقه الزاني به ، ولم يدع أنه ولده من الزنى ، ولم يثبت ببينة أنه منه ، فلا يلحق به في هذه الحال أيضا قولا واحدا[29].
3– إذا لم تكن المرأة فراشاً لأحد ، وحملت من الزنى ، واستلحقه الزاني أو ثبت بالدلائل أنه منه، فهل يصح أن نلحق نسب المولود بالزاني في هذه الحال ونقره على هذا النسب أم لا ؟ هذا هو المحل المتنازع فيه.

المطلب الأول: بيان مذاهب الفقهاء في الاستلحاق
لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة إلى مذهبين :
المذهب الأول :  أن ولد الزنى لا يُنسب إلى الزاني ولو ادعاه واستلحقه به ، وإنما ينسب إلى أمه ، ويرثها كبقية أولادها ، وهو مذهب الجمهور منهم الأئمة الأربعة[30]. ، وادعى ابن عبد البر الإجماع على هذا المذهب[31] .
المذهب الثاني :  أن الزاني إذا استلحق ولده من الزنى فإنه يلحق به.
وهو قول عروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار، والحسن البصري ، وابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وإسحاق بن راهويه ، واختار هذا القول كل من ابن تيمية وتلميذه ابن القيم [32]، ونقله ابن قدامة المقدسي عن أبي حنيفة ، قال : " وروى علي بن عاصم ، عن أبي حنيفة ، أنه قال : لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه ، أن يتزوجها مع حملها ، ويستر عليها ، والولد ولد له [33]" ، واختاره أيضاً من المعاصرين الشيخ محمد رشيد رضا في "تفسير المنار"[34]  والشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" [35]. و به أفتى الشيخ أحمد إدريس في مسألة قد عرضت عليه وقد نقلتها لكم في محاضرة منهج الفتوى عند الشيخ إدريس رحمه الله ، انظر المحاضرة على هذا الرابط:
http://laidbenzetta.blogspot.com/2015/04/blog-post_7.html

المطلب الثاني: أدلة الفقهاء ومناقشتها

وفيه فرعان:

الفرع الأول : أدلة القائلين بعدم جواز استلحاق ولد الزنى بأبيه

احتجوا بما يأتي:
 -1 بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"[36]
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل ولداً لغير الفراش ، وإنما تكون المرأة فراشا بالعقد أو بملك اليمين ، ولم يجعل صلى الله عليه وسلم للعاهر(الزاني) سوى الحجر ، أي ليس له إلا الخيبة ولا حق له في الولد[37].
مناقشة الاستدلال:  أنه في ما إذا كانت المرأة فراشا (ذات زوج) واختصم في الولد فإنه يحكم به لصاحب الفراش (الزوج) أما إِذَا لَمْ تَكُن الْمَرْأَةُ فِرَاشًا لأحد فلا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ[38].
2- حديث ابن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ : فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ"[39].
وجه الاستدلال: أن  (لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ) يعني لا زنى ، وقوله : (وَلَدًا مِنْ غَيْر رِشْدَة (أي من غير نِكَاحٍ صَحِيح ، فالمعنى أن من ادعى ولدا من غير نكاح صحيح فلا يرث ولا يورث ، يعني أنه لا يلحق بنسبه ولو استلحقه.
مناقشة الاستدلال: يجاب عنه من وجهين:
أولهما : أن الحديث ضعيف ، فقد قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : "فِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول[40]"  ، وقال ابن القيم : " َلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ"[41].
والثاني: على فرض صحته أن الحديث في الإيماء دون الحرائر ، وذلك أن أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانَتْ لَهُمْ إِمَاء يُسَاعِينَ (يزنين) وَهُنَّ الْبَغَايَا اللَّوَاتِي ذَكَرهنَّ اللَّه فِي قَوْله :" وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتكُمْ عَلَى الْبِغَاء " فَكان إِذَا جَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ وَكَانَ سَيِّدهَا يَطَؤُهَا وَقَدْ وَطِئَهَا غَيْره بِالزِّنَى ، فَرُبَّمَا اِدَّعَاهُ الزَّانِي وَادَّعَاهُ السَّيِّد ، فَحَكَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَمَة فِرَاش للسَّيِّد كَالْحُرَّةِ وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي[42]. وإذن فلا حجة في الحديث على عدم استلحاق ولد الزنى الذي ليست أمه فراشا لأحد. 
3- أن عمل المسلمين في العصور المتقدمة جرى بعدم استحاق ولد الزنى بأبيه ، فالذي بلغنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه الكرام أنهم أَقَامُوا الْحُدُود عَلَى الزُّنَاةِ ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مَنْهُمْ أَنَّهُ قَضَى مَعَ ذَلِكَ بإلحاق أولاد الزنى بآبائهم [43].
مناقشة الاستدلال: أن هذا ادعاء لا يسلم به على إطلاقه ؛ فقد روي أن عمر بن الخطاب  ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم كما سيأتي.

الفرع الثاني : أدلة القائلين بجواز استلحاق ولد الزنى بأبيه

احتج القائلون بجواز الاستلحاق بعدة أدلة منها:
1- احتجوا بما روى مالك في " الموطأ " عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ" [44] .قال الباجي في "المنتقى": " يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُهُمْ بِهِمْ وَيَنْسُبُهُمْ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لِزِنْيَةٍ "[45] .
مناقشة الاستدلال: أنه خاص بأهل الجاهلية أو بمن يسلمون من النصارى ، قال ابن العربي : " قال علماؤنا: كان أولئك أولاد لزِنْيَةٍ [ أي الذين ألحقهم عمر بآبائهم ] ، وكذلك السُّنَّةُ اليومَ فيمن أسلمَ من النَّصَارى واليهود، ثمّ ادَّعَى ولدًا كان من زنا في حال نصرانيَّتِه ، أنّه يُلحَق به إذا كان مجذوذَ (مقطوع) النَّسَبِ، لا أَبَ لهَ ولا فِرّاشَ فيه" [46].
2- احتجوا بالقياس على لحوقه بأمه  ، قال ابن القيم : " الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يَقْتَضِيهِ ، فَإِنَّ الْأَبَ أَحَدُ الزَّانِيَيْنِ ، وَهُوَ إِذَا كَانَ يُلْحَقُ بِأُمِّه ِ، وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا ، وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِ أُمِّهِ مَعَ كَوْنِهَا زَنَتْ بِهِ ، وَقَدْ وُجِدَ الْوَلَدُ مِنْ مَاءِ الزَّانِيَيْنِ ، وَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُمَا ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ لُحُوقِهِ بِالْأَبِ إِذَا لَمْ يَدِّعِهِ غَيْرُهُ ؟ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ"[47].
مناقشة الاستدلال: أنه قياس غَيْر صَحِيْح ؛ لكونه في مقابلة النص (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) ، ولا اجتهاد في مورد النص ، ومن شروط القياس عدم مخالفة النص.
3- بما جاء في قصة جُرَيْج العابد ، لما قال للغلام الذي زنت أمه بالراعي : " قالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ ، قَالَ : الرَّاعِي..."[48] .
وجه الاستدلال: أن كلام الصبي كان على وجه الكرامة وخرق العادة من الله ، وقد أخبر الصبي بأن أباه هو الراعي ، مع أن العلاقة بينهما علاقة زنى ؛ فدل هذا على إثبات الأبوة للزاني ، وقد قص علينا النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة لنأخذ منها العبرة.
مناقشة الاستدلال: أن المراد من القصة تبرئة جريج ، وليس المراد الحاق الولد بأبيه (الراعي) ، فهو إن كان أبوه إلا أنها ليست أبوة فراش ، وإنما أبوة سفاح ، فلا يثبت بها نسب كما تقدم. 

المطلب الثالث : الرأي المختار وأسباب اختياره
بعد استعراض مذاهب الفقهاء وأدلتهم في مسألة الاستلحاق ، نجد أن أقوى دليل عند المانعين ، هو حديث :" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"[49]. لكنه دليل محتمل كما رأينا في مناقشته ، فهو محمول على ما إذا كانت المرأة فراشا (ذات زوج) واختصم في الولد فإنه يحكم به لصاحب الفراش (الزوج) ، أما إذا لم تكن المرأة فراشا لأحد فلا يتناولها هذا الدليل ، ومن القواعد المقررة لدى أرباب الأصول أن :(الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال)[50] . لا بالكلية وإنما سقط به الاستدلال على تعيين ذلك الوجه المتنازع فيه ، كتعميم الحديث السابق  على ذات الزوج وغيرها ، فلا يصح جعله نصا في عدم صحة استلحاق ولد الزنى الذي ليست أمه فراشا لأحد ؛ لاحتماله أن يكون مقصورا على ذوات الأزواج دون غيرهن.
وإذا نظرنا إلى أدلة المجيزين نجد أن أقوى دليل لديهم هو القياس على لحوقه بأمه ، وقد تأكدت صحة هذا القياس بعد توجيه دليل المانعين إلى ذات الفراش ، فلم يعد هذا القياس اجتهادا في مورد النص كما زعم المانعون ، وإذا انتفت مخالفة هذا القياس للنص ، فهل يصح شرعا وعقلا أن نثبت نسب الولد من أمه الزانية ، ثم ننفيه عن أبيه الزاني ، وهو متولد ومتكون من كليهما ؟؟ ولابن عثيمين توجيه معتبر في هذا الصدد حيث قال: " الولد للزاني ، وذلك لأن الحكم الكوني الآن لا يعارضه حكم شرعي ، فكيف نلغي هذا الحكم الكوني ، مع أننا نعلم أن هذا الولد خلق من ماء هذا الرجل ؟ فإذا استلحقه وقال هو ولده فهو له"[51].
وبناء على هذا التوجيه نقول أن الرأي المختار هو جواز استلحاق ولد الزنى بأبيه إذا استلحقه وثبت بالدلائل أنه منه لا من غيره ، وأسباب اختيار هذا الرأي – بالإضافة إلى ما سبق من توجيه للأدلة – فإنه تستدفع به مفاسد خطيرة ، وتستجلب به مصالح كثيرة ، والشريعة كلها قائمة على أساس درء المفاسد وجلب المصالح ، ومن المفاسد المستدرئة والمصالح المجتلبة بهذا الإختيار مما يأتي[52]:
1-    أن في هذا الرأي حثًا للزاني على نكاح من زنى بها وإعفافها، وستر أهلها وولدها.
2-  أن الشريعة هادفة في تشريعاتها إلى حفظ الأنساب ورعاية الأولاد وحماية الطفولة ، والقيام عليهم بحسن التربية والإعداد ، وحمايتهم من التشرد والضياع ، وفي نسبة ولد الزنى إلى أبيه تحقيق لهذه المصالح الراجحة ، خصوصًا وأن الولد لا ذنب له ولا جناية ، ولو تركناه ينشأ دون أب ينسب إليه ، لأدى ذلك إلى تشرده وضياعه وانحرافه وفساده ، وربما نشأ حاقدًا على مجتمعه ، مؤذيًا له بأنواع الإجرام والعدوان .. وقد ذكر عدد من المختصين في )دور رعاية اللقطاء( : أن هذه الفئة - وبنسبةٍ غالبة - مقارنةً بغيرهم ، ينشأون وهم ينقمون على مجتمعهم ، لذلك يسهل لديهم الوقوع في الجـريمة.
3-   أن في هذا الرأي تحقيق لمقصد تخفيف الشر، فالزنى فاحشةٌ محرمةٌ وتزداد فحشاً وقبحاً كلما تعدى أثرها إلى غير الزاني والزانية ؛ ومن ترميم بعض آثار الزنى استلحاق ولد الزنى بأبيه.
4-  أن في هذا الرأي حل لمشكلة الأولاد الناتجين من الزنى، فلا يشعرون بأنهم ولدوا في الحرام والظلام ، ولا يحسون بالقهر والظلم إثر ما وقع عليهم ، فينشئون مع إخوانهم من النكاح الصحيح نشأة صالحة ، وينتسبون إلى أسرة يهمهم سمعتها ، والمحافظة على شرفها وكرامتها.
5-  أن في هذا الرأي تحقيق لمبدأ العــدل الذي أمر الله به ، ومن العدل الذي جاءت به شريعةُ الله ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، فهذا الولد الناتج من هذه الممارسة الخاطئة لا ذنب له ولا جريرة ، وفي نفي النسب عنه من أبيه إذا استلحقه عقوبة له بأمر لا يد له فيه وهذا عين الظلم الذي تتنزه عنه شريعة الله.
6-  أن هذه المشكلة موجودة بكثرة بين المسلمين الجدد ، فيسلم أحدهم مع خليلته وهي حامل منه من الزنى، وهو يرغب في نكاحها واستلحاق ولده منها، وقد يكون له علاقة محرمة بزوجته قبل أن يتزوجها، وله أولاد منها من الزنا ، وأولاد آخرون بعد نكاحها، فيقع في ورطة لا يحلها إلا الستر عليه ، وإلحاق أولاده من الزنى به.
هذا والله سبحانه وتعالى وحده أعلى وأعلم بالصواب

الخاتمة
بعد هذه الدراسة الموجزة لمسألتي نكاح الحامل من الزنى واستلحاق ولد الزنى بأبيه الزاني، نستخلص جملة من النتائج الهامة ، نذكر منها :
1- لا يصح نكاح الحامل من نكاح لغير زوجها قبل وضع الحمل إجماعا.
2- يجوز نكاح الحامل المطلقة البائن بينونة صغرى لمن له الحمل (الزَّوْجِ السَّابِقِ) إجماعا.
-3  إذا تزوجت الحامل من الزنى بغير من زنى بها فلا يجوز له وطؤها حتى تضع حملها إجماعا.
4- إذا كان الذي يريد نكاح الحامل هو غير من زنى بها فلا يجوز له  العقد علىيها حتى تضع حملها على الرأي المختار، تطبيقا لأصل الاحتياط في الفروج ، ودرءا لمفسدة اختلاط المياه. وعلى هذا الرأي تحمل أدلة المالكية والحنابلة ومن وافقهم القائلين بمنع العقد على الحامل من زنى حتى تضع حملها.
5- إذا كان الذي يريد نكاح الحامل من الزنى هو نفسه من زنى بها ، جاز  له العقد عليها وهي حامل ، على الرأي المختار ، عملا بمقاصد الشريعة النازعة إلى  الستر وحفظ الأنساب ، وتضييق دائرة الفاحشة ، وإصلاح ما انجر عنها بقدر الإمكان ... وله أن يطأها وهي حامل ؛ لأن الزرع زرعه ولا يمنع أحد من سقي  زرعه. وعلى هذا الرأي تحمل أدلة الشافعية ومن وافقهم القائلين بجواز العقد على الحامل من زنى.
6- إذا كانت المرأة فراشاً لزوج ، وحملت من الزنى فالمولود يلحق بزوجها لا بالزاني إجماعا .
7- إذا كانت المرأة فراشاً لزوج ، وحملت من الزنى ونفى الزوج المولود بالملاعنة فلا يلحق به إجماعا.
8– إذا لم تكن فراشا لأحد (غير متزوجة) وحملت من الزنى ولم يستلحقه الزاني به ، ولم يثبت ببينة أنه منه ، فلا يلحق به في هذه الحال إجماعا.
 9- يجوز استلحاق ولد الزنى بأبيه إذا استلحقه أوثبت أنه منه لا من غيره ، ويثبت بذلك نسبه منه على الرأي المحتار ، وهو ما يقتضيه القياس الصحيح على لحوقه بأمه بجامع تولده من كليهما ، علاوة على ما يترتب على هذا الإختيار من المصالح الغالبة.
والحمد لله رب العالمين




[1] انظــــر :
-          حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، محمد عرفه الدسوقي ، تحقيق محمد عليش ، دار الفكر – بيروت -  ج2 / 218 .
-          بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، علاء الدين الكاساني ، دار الكتاب العربي – بيروت – 1982ج2 / 269 .
[2] البقرة 235.
[3] رواه أبو داود رقم (2158) و (2159) في النكاح، باب في وطء السبايا. والترمذي رقم (1131) في النكاح، باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، وهو حديث حسن.
[4] انظـــــــر:
-          الذخيرة ، اللقرافي  دار الغرب الإسلامي- بيروت - الطبعة: الأولى، 1994 م ج 4 ص 259.
-          والتاج والإكليل لمختصر خليل ، للمواق المالكي ، دار الكتب العلمية ،الطبعة:الأولى 1416هـ-1994م ج 5 ص 42.
-          المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، ابن قدامة المقدسي ،  دار الفكر - بيروت - الطبعة الأولى ، 1405 ج 7 ص 141.
-          والشرح الكبير على متن المقنع ، لابن قدامة المقدسي ، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع ، ج 7 ص 503.
-          المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة ، لأبي بكر الحثيثي الصردفي الريمي جمال الدين ، تحقيق: سيد محمد مهنى ، دار الكتب العلمية – بيروت - الطبعة: الأولى، 1419 هـ - 1999 م ج 2 ص 212.

[5] انظـــــــر:
-          المجموع شرح المهذب ، للنووي ، دار الفكر – بيروت – ج 16 ص 241 .
-          والمهذب في فقة الإمام الشافعي ، للشيرازي دار الكتب العلمية ، ج 2 ص 445.
-          والمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، ابن قدامة المقدسي ،  دار الفكر - بيروت - الطبعة الأولى ، 1405 ج 7 ص 130.

[6] بغية المسترشدين ، لعبد الرحمن بن محمد بن عمر باعلوي ، دار الفكر ص 419

[7] رواه أبو داود رقم (2158) و (2159) في النكاح، باب في وطء السبايا. والترمذي رقم (1131) في النكاح، باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، وهو حديث حسن.

[8] رواه مسلم رقم (1456) في الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، والترمذي رقم (1132) في النكاح، باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج هل يحل له أن يطأها، وأبو داود رقم (2155) و (2157) في النكاح، باب في وطء السبايا، والنسائي 6 / 110 في النكاح، باب تأويل قول الله عز وجل: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}.

[9] عون المعبود شرح سنن أبي داود ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته ، لمحمد أشرف العظيم آبادي ، : دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الثانية، 1415 هـ ، ج 6 ص 119.

[10] أخرجه البيهقي ، في السنن الكبرى ، باب : [لا عدة على الزانية ومن تزوج امرأة ] ، رقم : [13894] وهو حديث مرسل.

[11] المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل ، ابن قدامة المقدسي ،  دار الفكر - بيروت - الطبعة الأولى ، 1405 ج 7 ص 140
[12] القياس مع الفارق هو  الذي لا تطابق فيه علة الأصل مع علة الفرع.
[13] النساء 24
[14] رواه البيهقي في سننه الكبرى ،حديث رقم: 13741 ، ابن ماجه في سننه حديث رقم: 2015.
[15] إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ،  محمد ناصر الدين الألباني ،  المكتب الإسلامي – بيروت – ج 6 ص 288
[16] كتاب الحاوى الكبير ، العلامة أبو الحسن الماوردى ، دار الفكر ـ بيروت – ج 9 ص 1493
[17] بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب ، لأبي القاسم ، المحقق: محمد مظهر بقا ، دار المدني، السعودية ، الطبعة الأولى، 1406هـ/ 1986م ج 1 ص 345
[18] نفسه 3/40.
[19] الْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ ، بْنِ نُجَيْم ،  دار الكتب العلمية،بيروت، لبنان ، الطبعة :1400هـ=1980م ص 67
[20] الدكتور عبد الله عزام . القواعد الفقهية . ص 146.
[21] رواه مسلم رقم (1456) في الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، والترمذي رقم (1132) في النكاح، باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج هل يحل له أن يطأها، وأبو داود رقم (2155) و (2157) في النكاح، باب في وطء السبايا، والنسائي 6 / 110 في النكاح، باب تأويل قول الله عز وجل: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}.
[22] فقه الأسرة برؤية مقاصدية ، الدكتور نورالدين أبو لحية ، ص 120 - 221
[23] النساء 24
[24] فقه الأسرة برؤية مقاصدية ، الدكتور نورالدين أبو لحية ، ص 120
[25] الموافقات ..، للشاطبي .. 2ج ص 20 .
[26] انظر : السيوطي ، الأشباه والنظائر ، ص 121
[27] انظر الفائق في غريب الحديث والأثر ، للزمخشري ، دار المعرفة – لبنان – 3 / 334 .

[28] المغني ، ابن قدامة ، ج 9 ص 123
[29] الحاوي الكبير ، الماوردي في ج8 ص 455.
[30] انظـــر :
[المبسوط للسرخسي ج17ص154 ]  ، [و بدائع الصنائع للكاسانيج ج 6 ص243 ] ،  [والمدون للإمام مالك ج2 ص556]  ، [والمغني لابن قدامة ، ج 6 ص228 ] ،  [والمحلى لابن حزم  ج 10 ص142].
[31] الاستذكار ، لابن عبد البر ، ج2 ص.167
[32] انظـــر :[زاد المعاد" (5/381] ، [والمغني لابن قدامة ، ج 9 ص123 ]
[33] المغني لابن قدامة ج 7 ص 130
[34] تفسير المنار لرشيد رضا ج 4 ص 382 .
[35] الشرح الممتع لابن عثيمين ج 12 ص127 .
[36] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الرضاع ، باب الولد للفراش وتوقي الشبهات ، رقم 1457.  وأخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع ، باب باب تفسير المشبهات ، 1948.
[37] انظـــر :[ المجموع شرح المهذب ، للنووي ، ج 17 ص 401 ]. [وأحكام القرآن ، لأبي بكر الجصاص  ج5 ص 159]. [والمحلى ، لابن حزم ، ج 10ص322].
[38] الفتاوى الكبرى ، لابن تيمية ، ج 3 ص 178.

[39] رواه أبو داود في سننه رقم 2264.
[40] عون المعبود شرح سنن أبي داود ، محمد شمس الحق العظيم آبادي ، دار الكتب العلمية - بيروت
الطبعة الثانية ، 1415 ، ج 6 ، 252

[41] انظر زاد المعاد ، لابن القيم ، ج5 ص382.
[42] عون المعبود ، العظيم آبادي ، ج 6 ، 252
[43] الرد على سير الأوزاعي  ، لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ، ص: 51.

[44] الموطأ ، للإمام مالك ، حديث رقم [1451].
[45] المنتقى شرح الموطأ ، للباجي ، ج 6 ص11.
[46] المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك ، لابن العربي ، ج 6 ص 383
[47] زاد المعاد ، لابن القيم ، ج 5 ص381.
[48] أخرجه البخاري في صحيحه رقم :[ 2482].
[49] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الرضاع ، باب الولد للفراش وتوقي الشبهات ، رقم 1457.  وأخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع ، باب باب تفسير المشبهات ، 1948.
[50] أنوار البروق في أنواء الفروق ، للقرافي ، ج 2 ص 100. وانظر : من أصول الفقه على منهج أهل الحديث ، زكريا بن غلام قادر الباكستاني ص 34
[51] فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ، لمحمد صالح عثيمين ، ج 12 ص 318
[52] هذه العناصر [6] منقولة بتصرف شديد من : (موقع الإسلام سؤال وجواب مسألة رقم  192131: (تفصيل خلاف العلماء في حكم استلحاق ابن الزنا) وإليك رابط الموقع : (https://islamqa.info/)

هناك 9 تعليقات:

  1. من تعقيبات الأساتذة والأئمة على البحث:

    1- قال الأستاذ مراد جبلي "هل يثبت التوارث بين ولد الزنى وأبيه الزاني على القول بجواز استلحاقه به؟" وأجبته:"نعم ؛ لأن إثبات نسبه من أبيه يرتب عليه كل ما يثبت بالنسب الصحيح ، ومنه : ثبوت التوارث بينهما ، فيكون نسبه من أبيه كنسبه من أمه سواء بسواء".


    2- قال المفتش الرئيسي شعبان لعويرة : "إن ترجيح القول بجواز العقد على الحامل أثناء حملها ، بناء على ما ذكر من أسباب كالستر على المزنى بها ونحوه .... قد يكون ذريعة إلى الفساد ، بحيث يستهين الناس بهذا الأمر ، لعلمهم بسهولة حلوله وتصحيح الآثار المترتبة عليه ؟؟".

    وأجبته: بأن هذا رأي وجيه مبناه على قاعدة سد الذرئع وهي أصل من أصول مذهب مالك ... إلا أن يجاب عن هذا الرأي بأن سد الذرائع ليست على إطلاقها ، بل ينظر فيها درجة توقع الحصول ، وحجم المفسدة المتوقعة ، والأمر الذي ذكرتموه نادر الوقوع ، والنادر لا حكم له ، بخلاف المفاسد الناجمة عن القول بعدم جواز العقد ومن ثم عدم جواز استلحاق الولد بأبيه ... فهذه مفاسدة راجحة وغالبة ، وتوقع درجة حصولها أقوى ، ومن القواعد المقررة في هذا الشأن (ارتكاف أخف الضررين وأهون الشرين ..) ، ثم أن ترجيح القول بجواز العقد على الحامل ....الخ ليس من قبيل الإفتاء العام ، وإنما يُفتى به بعد الابتلاء ، والفتوى بعد الابتلاء تختلف عن الفتوى قبله ، والله أعلم".

    3- قال الإمام صيود:"إن هذه مشكلة عويصة ، ونحن نعاني منها فيما يعرض علينا من مسائل ...وكيف يصح أن يلحق ولد الزنى بأبيه ، وقد لا يكون ولده ، فقد تزني المرأة مع رجال متعددين ، ولا ندري من هو والد الإبن ...الخ".

    ولم يمنحني الأستاذ المشرف على الندوة فرصة الرد ، والجواب عن هذا أنه خارج محل النزاع ؛ لأن القول بجواز الاستلحاق إنما يكون في حالة إذا استلحقه الزاني به وادعاه وثبت بالدلائل أنه منه لا من غيره.

    ردحذف
  2. بارك الله فيك أستاذ العيد على هذا البحث القيم وهذه الدراسة الملمة الجامعة .
    وأنا أتذكر جيدا لما سألت أستاذي أحمد إدريس رحمه الله عن مسألة إلحاق ولد الزنى بأبيه مع إقراره واعترافه به ؟
    فأجابني رحمه الله تعالى لايجوز إنه إبن الشارع وليس إبنه ..فأعدت عليه السؤال جيدا مرة ثانية
    فغضب وأجابني لقد قلت لك يامرواني (نسبة إلى بلدتي مروانة ) إنه ليس ابنه ولو أقر بذلك واعترف وأقرت هي بذلك واعترفت ..إنه إبن الشارع قلت لك وليس إبنه ..
    نسأل الله القدير أن يرحم أستاذنا إدريس أحمد ويسكنه فسيح جناته .
    #عبد الباسط قدور الجزائري
    وجزاك الله كل خير أستاذ العيد وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك يوم القيامة .

    ردحذف
  3. شكرا سي عبد الباسط قدور الجزائري: على هذه الإضافة الطيبة ، والفتوى التي نقلتها أنا عن الشيخ إدريس كانت في مجمع من الناس ، أئمة وعواما ، فهي منقول عنه بالتواتر ، ومعتمد دائرتنا كان شاهدا عليها هو الآخر ، ولا غرابة في ما ذكرته أنت عن الشيخ ؛ لأن الكثير من الأئمة والفقهاء تؤثر عنهم روايتان في المسألة الواحدة ، وللشافعي مذهبان : القديم والجديد ، وذلك أن الفقيه قد يفتي بفتيا ثم يتبين له وجه الحق في غيرها ، فيعدل عن فتواه الأولى ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :"ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي". ولكن أرجو منك وبإلحاح شديد أن تخبرني عن تاريخ هذه الفتوى بدقة ؛ لأن الفتوى الآخرة تكون مقدمة عن الفتوى الأولى غالبا ، وأنا حريص على التحري في مثل هذا.

    ردحذف
    الردود
    1. فيك بارك أستاذ العيد وأنت مشكور جزيل الشكر على حرصك وأمانتك الشديدتين .
      هذه المسألة وقعت أي سألت عنها شيخي إدريس رحمه الله تعالى قبل 16سنة بالضبط أي في سنة 2000م
      وقد كنت حريصا في ذلك الوقت على هذه المسألة بالذات لأنها بأهمية بمكان
      وقد كان جواب شيخي واضحا ومؤكدا بتكرار السؤال عليه مرارا ..
      وذلك الولد يبقى ابن الشارع ولو حدث التأكد والإقرار والتبين من الطرفين
      .والله أعلى وأعلم.
      #عبد الباسط قدور الجزائري .

      حذف
    2. توضيح
      مع العلم أستاذ العيد
      أن هذه المسألة تتعلق بشخصين (الرجل والمرأة )أعزبين أي لم يكونا متزوجين من قبل ولم يعقدا عقدا شرعيا من قبل .
      أي زنيا وحصل منهما ولد .

      حذف
  4. توثقت اليوم من التاريخ الذي أفتى فيه الشيخ بهذه المسألة ، وقيل لي أنه كان في سنة2000 هو الآخر.

    وللأمانة العلمية أن هذه الفتوى لم أسمعها منه ، وإنما رواها لي من سمعها منه والعهدة على الراوي وهو الشيخ علي بن جبار معتمد دائرة التلاغمة الذي كان شاهدا على مجلس العقد.

    وخلاصة المسألة أنه سئل عن رجل تزوج امرأة بغير عقد في فرنسا وأنجبت بنتا وصار عمرها خمس سنوات ، فأفتاه الشيخ بجواز العقد على هذه المرأة ، وأن البنت تلحق به ، إذا ثبت أنها منه لا من غيره ، وقال هذا على مذهب إسحاق ابن راهويه، وقد ترتب على هذه الفتوى أثرها وتم العقد والاستلحاق معا.

    ولما بحثت في المسألة وجدت أن نسبة الولد إلى أبيه من الزنا و لحوقه به إذا استلحقه ، لم تنسب إلى إسحاق بن راهويه فحسب ، بل هي منسوبة أيضا إلى من ذكرنا في هذا البحث ، والله أعلم.

    ردحذف
  5. السلام عليكم: بارك الله فيك أيها الأستاذ الفاضل على هذا التفصيل الدقيق والترجيح المقاصدي الوجيه، حيث وافق حكمك هذا ما كنت أراه حيث كنت أرى أنه لو منعناه من العقد عليها حتى تضع الحمل فمعنى ذلك أنه يجب على الحاكم توقيع العقوبة عليهما وفي ذلك مخالفة لقاعدة الستر التي يتشوف إليها الشارع الحكيم، وفي العقد عليها تحصيل لهذه القاعدة، وتحصيل لقاعدة حماية نسب الأطفال حتى لا يكونوا عرضة للأمراض والعقد النفسية ويكونون بذلك عالة على المجتمع والدولة إلى غير ذلك من المفاسد التي تقع حاليا من جراء الافتاء من غير النظر المقاصدي في هذه الوقائع التي مني بها المجتمع الاسلامي قديما وحديثا

    ردحذف
  6. جزاك الله تعالى وزادك من علما وتوفيقا

    ردحذف
  7. السلام على الجميع،

    اسمي السيدة دانة أحمد. أنا امرأة سعيدة اليوم، وقلت لنفسي إن أي مُقرض ينقذ عائلتي من وضعنا السيئ، سأحيله إلى أي شخص يبحث عن قرض. لقد أعطوا السعادة لي ولعائلتي. كنت بحاجة إلى قرض لبدء حياتي من جديد لأنني أم عازبة ولديها 3 أطفال. لقد التقيت بشركة القروض الصادقة والخائفة من الله والتي ساعدتني في الحصول على قرض. إذا كنت بحاجة إلى قرض وسوف تقوم بسداد القرض، يرجى الاتصال بفايزة للتمويل وإخبارهم أن السيدة دانة أحمد هي التي تحيلك إليهم. اتبع جميع التعليمات وسوف تحصل على القرض الخاص بك. اتصل بهم على بريدهم الإلكتروني: (contact@faizaafzalfinance.com) أو WhatsApp: +91 (923) 356-1861. للمزيد من المعلومات.

    ردحذف