ومن الفقه في الدين
..بل قمة الفقه في الدين :
ألا تدعي أنك تملك
الحقيقة المطلقة.. أو تتعصب لرأي فقهي وتلغي ما سواه ... وألا تتمسك بالآراء
الاجتهادية في حضرة عالم ... أ في بلد ..أو في مجلس أو عند أهل بيت ... لهم مذهب
أو رأي فقهي يخالف ما لديك من الآراء الاجتهادية...
فقد روي عَن الإِمَام
الشَّافِعِي رَحمَه الله أَنه زار الإِمَام أَبَا حنيفَة بِبَغْدَاد قَال:
"َ فأدركتني صَلَاة الصُّبْح وَأَنا عِنْد ضريحه فَصليت الصُّبْح وَلم
أَجْهَر بالبسملة ولاقنت حَيَاء من أبي حنيفَة".
★ولما
كتب الإمام مالك الموطأ أراد أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس جميعاً عليه، فأبى مالك
- يرحمه الله - وقال: "يا أمير
المؤمنين أن أصحاب رسول الله قد تفرقوا في الأمصار، ومع كل منهم علم ، فدع الناس
وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم".
فانظر إلى فقه
الشافعي في الدين كيف دفعه إلى ترك آرائه الاجتهادية بحضرة عالم ميت يخالفه فيها
.. فكيف لو كان ذلك العالم حيا ؟
وانظر الى فقه مالك
في الدين كيف دفعه إلى أن يرفض حمل الناس على موطئه الذي أودع فيه أحسن ما سمع من
السنة ، وأقوى ما حفظ وأدرك من العلم الذي لا اختلاف فيه عند أهل المدينة .. ومع
ذلك لم يدع امتلاك الحقيقة المطلقة ، ولم يقل للمخالفين ما أريكم إلا ما أرى .. بل
قال للامير دع الناس واختياراتهم الفقهية .. التي أخذوها من الصحابة الذين تفرقوا
في الأمصار.
فأين أنت يا أخي من
فقه الإمامين الجليلين ؛ لتحمل الناس على ترك مذاهبهم ومرجعياتهم الفقهية التي
ساروا عليها قرونا من الدهر .. وتوارثوها عن فقهائهم جيلا من بعد جيل ...
كأن تحملهم على ترك
القنوت في الصبح ؟ أوتجبرهم على الاتيان بجلسة الاستراحة؟ أو إخراج زكاة الفطر
طعاما ؟ أو ترميهم بالبدعة والضلال والفسق .. إذا قرأوا القرآن جماعة ؟ أو مدوا
أكفهم لله داعين ومتضرعين ؟ أو تحكم على الملايين من المسلمين بأنهم في النار لأن
ثيابهم طويلة ..؟ ...الخ
واذا كان صنيع
الإمامين الجليلين ونظرائهما من قمة الفقه في الدين ..
فإن صنيعك هذا لهو
قمة الجهل بالدين !!
بل قمة الحمق في
العقل أن تحاول تغيير مسار ومرجعية أمة بأكملها لرأي فقهي تراه ..قد يكون مرجوحا
.. ويكون الصواب فيما عداه ؟!
وقمة الجهل بالدين ان
تنهى الناس عما اختلف فيه أرباب العلوم !!
قال سفيان الثوري :
" إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه".
وقمة الجهل بالدين أن
تخل بوحدة الصف لأجل فعل ترى استحبابه ، إذا كنت في بلد لا يرى مشروعيته ...
وانظر إلى فقه ابن
عثمين الذي عميت عنه أبصار المتعصبين للهوى .. كيف دفعه الى الإفتاء بعدم جواز
الإتيان بجلسة الاستراحة خلف الأئمة الذين لا يأتون بها .. وعزى ذلك الى كلٍ من
ابن القيم وابن تيمية
[انظر: الشرح الممتع
لابن عثيمين ج3 ص 192—193]
لأجل ذلك ينبغي العمل
على تفقيه شبابنا الذين جرفتهم سيول التطرف الفكري ...وبُرمجت عقولهم على وجهة
محددة .. بسبب ضئالة فقههم في الدين ..
وتحصين شباب الأمة من
هذا الفكر العقيم بات من أو كد الواجبات على أرباب العلم وأولى الأمر معا.
اللهم فقهنا في ديننا
وبصرنا بعيوبنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق