الدعوة
إلى الله .. وإلى دين الله .. ليست محاكمة للناس .. ولا تعرية لهم ... وليست
انتقاما من المخالف ... ولا انتصارا للذات ...
وإنما هي وظيفة يقوم
بها المؤمن البصير إرضاء لله تعالى وامتثالا لأمره ... واتباعا لنبيه عليه الصلاة
والسلام... وإنما عليك البلاغ وعلى الله الحساب.
و من شروط القيام
بهذه الوظيفة أن تكون بدافع المحبة للناس والشفقة عليهم والرحمة بهم ... كما كان
سيد الدعاة عليه الصلاة والسلام ... الذي خاطبه ربه بقوله :" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
".
وقد قيل له في إحدى
الغزوات : لو لعنتهم يا رسول الله ؟ فقال: " إنما
بعثت رحمة ولم أبعث لعانا ".
وقيل له ادع على ثقيف
- أهل الطائف - فقال: " اللهم اهد ثقيفا وأئت بهم
مسلمين".
فقمة الفقه في الدين
أن يعلم الداعي أنه بمنزلة المنقذ أو الطبيب:
فالمنقذ مهمته إنقاذ
الغريق ... و الطبيب مهمته علاج المريض ولو كان متعفنا ... ولا يمكن لأي منهما أن
يقوم بلعن أو شتم او تعنيف أو فضح ... من يقوم بإسعافه.. حتى ولو خالف التعليمات
التي قدمت له !!
ومن هنا يتجلى لك أنه
ليس من قبيل الدعوة إلى الله ما يقوم به بعض الأقوام من أساليب مقيتة ...فتراهم
يعمدون إلى السب و الطعن... والتضليل والتبديع ... والبغضاء والقطيعة ... زاعمين
أنهم يدعون إلى الله أو يدافعون عن الحق ...
ولو كانوا صادقين في
ذلك لما كانت دعوتهم بهذه الطريقة المقيتة الهادمة لقيم الدين ... والمؤذية لعباد
الله
...
وقد روي عن مالك بن
أنس رحمه الله أنه قال :" إذا رأيت الرجل يدافع
عن الحق فيشتم، ويسب، ويغضب، فاعلم أنه معلول النية؛ لأن الحق لا يحتاج إلى هذ".
فالدعوة إلى الله لا
تكون بالسب والطعن ..والقطيعة والبغضاء ..
وإنما تكون وفق
المنهج الذي بينه القرآن المجيد :
"أدع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم يالتي هي أحسن".
ومن المخجل أن ترى من
يبشرون بالنصرانية يحرصون على تطبيق هذا المنهج الدعوي الذي قررته هذه الآية ؛ من
أجل كسب الناس إلى دينهم الباطل ؟
أوليس أهلُ الإسلام
أحق بتطبيقه ؛ من أجل كسب الناس إلى هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده ؟ !
وقد نبهت آية الإسراء
إلى خطورة العدول عن هذا المنهج ، فقال سبحانه :
"وقل
لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم".
تلك هي العلة : فإننا
إذا لم نعمل بهذا التوجيه ، ونقول للناس حسنا ، وندعوهم بالتي هي أحسن ، فإن
الشيطان سينزغ بيننا ، ويثير الفتنة بيننا ، ويوقعنا في العداوة والقطيعة والشرور
، فيتفرق جمعنا ويتشتت شملنا ... وتلك هي الحالقة ، التي تحلق الدين لا الشعر .
ومن الجهل بالدين :
أن تقاطع من لا يستحيب لدعوتك .. أو من تراه على خطأ ...
فإنك اذا قاطعته تكون
قد ارتكبت منكرا أكبر بكثييييييير من المنكر الذي تريد تغييره .. ووسعت دائرة
المناكر بغير جدوى ....
وهذا مصادم لما قررته
الشريعة المعظمة من أصول وقواعد ..كقاعدة :
"الضرر لا يزال بمثله ولا بما هو
فوقه من باب أولى"
اللهم فقهنا في ديننا
وقنا من غوائل أنفسنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق