ومن الفقه في الدين :
أن تعلم أن من أعظم
الذنوب أن تذم أخاك المسلم بذنب اقترفه .. وأن ذلك يؤدي في الغالب الأعم إلى سوء
الخاتمة ..وميتة السوء ..والعياذ بالله..
قال ابن القيم في
مدارج السالكين نقلا عن صاحب المنازل أبي علي الهروي :
" اعرف أن كل طاعة رضيتها منك فهي عليك ، وكل معصية عيرت بها أخاك فهي
إليك
".
و هذه الحقيقة - التي
نقلها ابن القيم عن الهروي - تحتمل أحد أمرين:
الأول: إما أن
المعصية التي تعير بها أخاك فلا بد أن تصير تلك المعصية إليك ، أي لا بد أن تعملها
، وهذا مأخوذ من الحديث الذي رواه الترمذي في جامعه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
"منْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ ".
كما أن التعيير
بالذنب فيه نوع خفى من إظهار الشماتة ، وفي الحديث:
"لَا تُظْهِرَنَّ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللَّهُ
وَيَبْتَلِيَكَ ". [الأصبهاني
في الأمثال رقم 175]
والثاني: أن تعييرك
لأخيك بذنبه هو أعظم إثما من ذنبه وأشد من معصيته ؛ لما فيه من الإعجاب بالطاعة ،
فكأنك بذلك تزكي نفسك وتدعي البراءة من الذنوب ... وتلك أم الخطايا ..
ولعل أخاك - الذي
تعيره بالذنب – تاب وانكسر بذنبه وتذلل لله ..وارتقى بذلك الى درجة الأولياء
المقربين .. وأنت لا تدري....
فإن التوبة - إذا
صدقت - تحول العبد من شيطان رجيم الى ولي كريم.
ومن حكم ابن عطاء
الله السكندري رحمه الله تعالى:
"رب معصية أورثت ذُلاً وانكسارًا، خير من طاعة أورثت عزًّا
واستكبارًا"
وكلام ابن عطاء الله
يتفق تماما مع ما قاله ابن القيم رحمه تعالى:
".....إن
الذنب الذي تَذِلُّ به لله عز وجل ، أحب إليه من طاعة تمُنُّ بها عليه سبحانه ،
فإنك إن تبيت نائمًا وتصبح نادمًا ، خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبًا، فإن
المعجب لا يصعد له عمل ، وإنك إن تضحك وأنت معترف، خير من أن تبكي وأنت مُدِل [ أي
مفتخر من الإدلال وهو الفخر والتيه] وأنين المذنبين أحب إلى الله عز وجل من زَجَل
[صوت]المسَبِّحين المدِلِّين".
وبالكشف عن هذه
الحقيقة يتجلى لك المنزلق الخطير الذي انحدر إليه بعض المتدينين المتفيقهين ،
الذين اتخذوا دينهم غمزا ولمزا وطعنا في المؤمنين والمؤمنات ... وتعاليا عن
الآخرين ، وكأنهم اطلعوا الغيب أو اتخذوا عند الرحمن عهدا...... !!اللهم
فقهنا في ديننا .. وقنا من غوائل أنفسنا.
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل
ردحذف