......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الخميس، 17 سبتمبر 2015

استغاثة الأقصى وحادثة الحرم

الخطبة الأولى   

الحمد لله حق حمده ، الحمد لله الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده ، نحمده تعالى على تفضله وإنعامه ، ولطفه وإحسانه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدا عبد الله و رسوله  ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد /

أيها الإخوة:
نقف اليوم مع حدثين هامين ، لكل منهما أثره على النفوس ، ووقعه في القلوب ؟
أما الأول فيتعلق بصيحات الاستغاثة والنجدة التي تطلقها حناجر أولائك المرابطون والمرابطات في رحاب الأقصى الشريف ، صيحات تستثير نخوة العرب والمسلمين لنجدة الأقصى من محاولة التقسيم المكاني والزماني .....

لكن أين العرب وأبن المسلمون ؟  يبدوا أنه لا حياة لمن ننادي ؟
أيها الإخوة:
إن الإسلام قد أوجب التناصر بين المسلمين، وبين أن خذلان المسلم لأخيه المسلم جريمة نكراء، تستوجب الإبعاد من رحمة الله تعالى، فقد أخرج الإمام الطبراني، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:" لا يقفن أحدكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما، فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه" .  واللعنة تعني الحرمان ن رحمة الله ورضوانه، وإذا كان خذلان فرد واحد يترتب عليه كل هذا الوعيد ، فكيف بخذلان أمة بأكملها،وشعب بأســــره؟، كما هو شأن إخواننا المدافعين عن الأقصى ، وقد أوجب الله نصرة المستنصرين فقال تعالى": وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" . وهذه الآية نزلت في المسلمين المتخلفين عن الهجرة، فكيف إذا كان  هؤلاء المستنصرون ممن يدافعون عن المقدسات الإسلامية، ويحمون شرف الأمة الإسلامية كلها ؟؟؟ فهم يدافعون عن الأقصى الذي يمثل ثلث مقدسات المسلمين ، وهو جزء لا يتجزأ من عقيدتهم .
-  فبه أقسم الله : "والتين والزيتون. وطور سينين. وهذا البلد الأمين". قال ابن عباس والضحاك وعكرمة وقتادة:"الزيتون هو مسجد بيت المقدس".
-    وهو الموصوف بالبركة في العديد من آي الكتاب، منها :"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركناحوله".
-     وهو القبلة التي كان يتوجه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل تحويلها إلى الكعبة.
-      وهو أرض المنادي من الملائكة نداء الصيحة لاجتماع الخلائق يوم القيامة .كما قال سبحانهوتعالى: "واستمع يوم يُنادي المنادى من مكان قريبٍقال قتادة وغيره: "كنا نحدَّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة, وهي أوسط الأرض".
-      وهو ثاني مسجد بني في الأرض.
-     وإتيان المسجد الأقصى بقصد الصلاة فيه يكفر الذنوب ويحط الخطايا.
ومن ثم فإن حماية الأقصى مندرجة قطعا ضمن حفظ مقصد الدين ، وهو مقدم على حفظ الأنفس والأموال.....
ولما عرف المسلمون الأوائل هذه الحقائق  استبسلوا في نصرة الأقصى وتخليصه من أيدي النصارى ، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل ذلك ، مثل ما فعل صلاح الدين الأيوبي وغيره ....حتى أن الشهيد نور الدين كان لا يُرى مبتسما ؟ ولما سئل عن ذلك قال : "أستحيي من الله أن يراني متسما وعلى أرض الإسلام قدم لكافر". أما اليوم فقد ضاعت أرض الإسلام وضاع الدين وضاعت الكرامة وضاع والشرف .....والعرب والمسلمون ينفقون الأموال الكثيرة على قنوات وسهرات المجون والانحراف ؟؟
قال البشير الإبراهيمي رحمه الله : "إن القدس أمانة الله في أعناقنا وعهد عمر في ذمتنا فلئن ضاعت منا ونحن عصبة إنا إذن لخاسرون".
لكن أين المسلمون اليوم ؟ إنهم منشغلون بتكفير بعضهم بعضا ، وسفك دماء بعضهم بعضا ......؟؟

أيها المسلم عــذرا       فقومنا صاروا نعاس
وكلهم يحلم قصرا      ويزينه بمــــــــــــاس
ومليك قد تفرعــــن    وزعيم في هجـــــاس  

اعلموا أيها الإخوة:      
أن اليهود ليسوا قوة جبارة لا تقهر كما يزعمون ، وكما يظن الذين خويت قلوبهم من الإيمان ، فاليهود جنس عرف بنذالته وخسته وجبنه عبر التاريخ ، وإنما استفحل أمرهم وعلا شأنهم حين لم يجدوا مقاومة جدية من أهل الإيمان الراسخ ، وحين يظهر  أهل الإيمان وطلاب الدار الآخرة فلن تجد  إسرائيل إلا منهزمة ، بل ستزول حينئذ من خارطة  العالم بشكل كلي ،  وهذا أمر لا مرية فيه ، وإنما له أمد وللأمد انقضاء. "... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا..".

اللهم ثبت إخواننا المرابطين في ساحات الأقصى ، وانصرهم على البغاة الآثمين.
أستغفر الله العظيم لي و لكم انه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وسلاح على عباده الذين اصطفى ، وبعد/
أيها الإخوة:
أما الوقفة الثانية فمع حادثة حزنت لها القلوب وذرفت لها العيون وتأثرت لهولها النفوس ، إنها حادثة سقوط رافعة الحرم الشريف ، على جمع من الحجيج ، الذين خرجوا من ديارهم ملبين نداء الله عز وجل :" وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا...". خرج هؤلاء لأداء شعيرة من شعائر الإسلام الكبرى ، فشاء العلي القدير أن تقبض أرواحهم وهم على ذلك ، قال تعالى :" وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا".
فهذا النص يشمل بعمومه أولاء الضحايا ، الذين ختم لهم بهذه الخاتمة الحسنة ،   وفي الحديث الشريف :" ….إنما الأعمال بخواتيمها".   
  وقال عطَاءً ": " مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ فِي الْحَرَمِ بُعِثَ آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ , لأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا".  
ومن أهم العبر التي نأخذها من هذا الحدث : أن من صدق الله صدقه الله ، وحقق له مبتغاه ، فمن الذين توفاهم الرحمن الرحيم وهو حاج جزائري من عين الدفلة ، تروي زوجته أنه كان دائما يحدثها بأنه يتمنى أن يموت في الحرم ، فحقق له ربه ما تمناه ، وآخر لقي ربه ساجد والمصحف بيمنه ، يا لها من خاتمة حسنة نغبطهم عليها ، وأين أولاء ممن يموتون وهم على المعاصي مقيمون ؟؟ نسأل الله العافية ونسأله تعالى أن يغفر لهؤلاء الضحايا وللمسلمين قاطبة ، وأن يرزقنا حسن الختام .........والحمد لله رب العالمين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق