......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الجمعة، 14 فبراير 2014

المبحث الأول: " التعريف بالصلاة وبيان حكمها ومكانتها "


المطـلب الأول: تعريف الصلاة لغة واصطلاحا

أولا: الصلاة لغة:
الدعاء:  ومن ذلك قوله تعالى : " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " (التوبة 103).أي؛ ادع لهم.

ثانيا: الصلاة اصطلاحا:
" قربة فعلية ذات إحرام وسلام  أو مع ركوع وسجود أو سجود فقط "
- قربة فعلية ذات إحرام وسلام : إشارة إلى صلاة الجـنازة  ، ففيها الإحرام والسلام  دون الركـوع  و السجــــــــــود.
- .........أو مع ركوع وسجود:  إشارة إلى الصلوات المعهودة المشتملة على الإحرام والسلام والركوع والسـجود.
- ................. أو سجود فقط :  إشارة إلى سجود التلاوة فهو صلاة ، ولكنه  ليس فيه ركوع  ولا إحرام  ولا سـلام .

المطـلب الثاني: حكم  الصلاة وأقسامها
أولا: حكم الصلاة:

الصلاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع ، وأدلة وجوبها كثرة منها:
-        قوله تعالى : " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " (النساء103) .
-    وحديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للسائل عن الإسلام : " خمس صلوات في اليوم والليلة . فقال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع "[1] .
-    وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان "[2].
-        وقد أجمعت الأمة على وجوب  الصلواتِ الخمس ، وأنها مما علم من الدين بالضرورة.

ثانيا: أقسام الصلاة باعتبار الحكم:

1-    فرض عيــن: وهي الصلوات الخمس ، ولم يفرض سواهن الشرع .
2-    فرض كفاية: وهي صلاة الجنازة.
3-    سنة مؤكـدة: وهي صلاة الوتر ، والعيدين ، و الكسوف ،  والاستسقاء ، ركعتا الطواف  ،  وركعتا الإحرام  ، وسجدتا التلاوة ، وسجدتا السهو.            
4-    رغيــــــــبة: وهي ركعتي الفجر.
5-    فضــــــــيلة: وهي صلاة الشفع ، وصلاة الخسوف، وتحية المسجد ، وقيام الليل ، وصلاة التراويح ، والرواتب..
6-    مكـــــروهة:  وهي صلاة التطوع بعد صلاتي الفجر والعصر، وبعد الجمعة .
7-    محـــــــرمة: وهي صلاة التطوع عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وعند صعود الإمام على المنبر ، وعند إقامة الصلاة الحاضرة.

المطـلب الثالث: مكانة الصلاة و حكمة تشريعها

أولا : مكانة الصلاة:

لقد عظَّم الإسلام شأنَ الصلاة ، ورفع ذِكرَها ، وأعلى مكانتَها ، فهـــــــــــي :
1-  ثاني أركان الإسلام.  فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان"[3].
2-  الصلاة عماد الدين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله"[4].
3-    الصلاة أول عبادة ما أوجبها الله[5]. وقد تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج من غير واسطة ، قال أنس: "فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودي يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين"[6].
4-  الصلاة أول ما يُسأل عنه العبدُ يوم القيامة. فعن عبدالله بن قرط - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" :أول ما يُحاسب به العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإنْ صلحتْ، صلح سائرُ عمله، وإن فسَدَتْ، فَسَدَ سائِرُ عمله"[7].
5-  الصلاة هي الفارق بين المسلم والكافر.  قال  تعالى: "فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (التوبة: 11) وعن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ"[8] .
6-    الصلاة آخر وصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان من آخر وصاياه- صلى الله عليه وسلم - وهو يعالج سكراتِ الموت: ((الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكتْ أيمانُكم"[9].
7-  الصلاة آخر ما يفقد من الدين. فإن ضاعت ضاع الدين كله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة"[10].

ثانيا : الحكمة من تشريع  الصلاة:
المقصد الأصلي من مشروعية  الصلاة : تعظيم الله تعالى ، وبالإضافة إلى ذلك فهي مشتملة على مقاصد و حكم تبعية  يعود نفعها على المكلف في عاجله وعاقبة أمره ، منها :
1-  الصلاة صلة بين العبد وربه. لقوله تعالى :"وأقم الصلاة لذكري" ، أي أقم الصلاة لتذكرني فيها ، وبالذكر تقوى الصلة التي تربط المخلوق بخالقه.

2-    الصلاة طمأنينة للقلب. لقوله تعالى:" أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ".

3-    الصلاة خضوع وانكسار لله تعالى. ففيها تتجلى مظاهر العبودية ، فإذا ركع المصلي وسجد انكسرت نفسه أمام عظمة الله جل جلاله  ، واعترف بضعفه وحاجته وافتقاره إلى الله جل جلاله.

4-  الصلاة أفضل وسيلة لمحو الذنوب والخطايا. لقوله – صلى الله عليه وسلم – :" أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ». قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ :« إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ "[11].

5-  الصلاة مدرسة لتعليم الصبر. فهي تعين العبد على تحمل الأخطار ، ومجابهة الشدائد ، قال تعالى :"واستعينوا بالصبر والصلاة". وقد كان صلى الله عليه وسلم :"إذا حزبه أمر فزع إلى لصلاة"[12].

6-    الصلاة حاجز بين العبد والمعاصي. قال تعالى": إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر"ِ( العنكبوت: 45( .

7-  الصلاة سبيل النجاة من النار والفوز بالجنة .  قال – صلى الله عليه وسلم : "من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ووضوئهن ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة أة قال وجبت له الجنة"[13].

8-    الصلاة سبب لجلب الرزق وحصول البركة ؛ لقوله تعالى : "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة لتقوى".

المطـلب الرابع: حكم تارك الصلاة

أ‌-       من ترك الصلاة جحودا بها ، وإنكارا لها ، كفر وخرج عن ملة الإسلام ، بإجماع المسلمين ؛ فلا يغسل و لا يصلى عليه و لا يدفن  و لا يدفن في مقبرة المسلمين.
ب‌-  أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده بفرْضيتها ، ولكن تركها تكاسلا أو تشاغلا عنها ، بما لا يعد في الشرع عذرا ،فقد اختلف فيه العلماء إلى مذهبين:
أحدهما: أنه كافر ، وقد ذهب إلى ذلك طائفة من أهل العلم ، منهم أحمد بن حنبل ، وحجتهم ظاهر الأحاديث المصرحة بكفره ، ومنها:
1 - عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة"[14].
2 - وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"[15].

والثاني: أنه  لا يكفر ، وإنما يفسق ويستتاب ، فإن لم يتب قتل حدا لا كفرا ، وقد ذهب إلى هذا كثير من علماء السلف والخلف، منهم أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك ، وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء". وكحديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي دعوة مستجابة.فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا"[16].

مناظرة في تارك الصلاة :
ذكر السبكي في طبقات الشافعية ، أن الشافعي وأحمد رضي الله عنهما تناظرا في تارك الصلاة.
-        فقال الشافعي: يا أحمد أتقول: إنه يكفر؟ قال: نعم.
-        قال: إذا كان كافرا فبم يسلم؟ قال: يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
-        قال الشافعي: فالرجل مستديم لهذا القول لم يتركه.
-        قال: يسلم بأن يصلي.
-        قال: صلاة الكافر لا تصح ، ولا يحكم له بالإسلام بها.
-        فسكت الإمام أحمد، رحمهما الله تعالى.



[1] صحيح البخاري رقم 46
[2] صحيح البخاري رقم 8
[3] صحيح البخاري رقم 8
[4] سنن ابن ماجه رقم 3973
[5] فرضت الصلاة بمكة ليلة 27 من شهر رجب ، ليلة الإسراء والمعراج ، قبل الهجرة  بسنة ، وقد كان  الرسول وصحابته قبل ذلك يصلون ركعتين في الغداة وركعتين في العشي على ملة إبراهيم الخليل.
[6] سنن النسائي رقم 143 و 144
[7] سنن الترمذي رقم 413
[8] صحيح مسلم  رقم 134
[9]  سنن ابن ماجه رقم2697
[10] أخرجه الطبراني في "الكبير" (7540)
[11] مسلم.1/219/ رقم251.
[12] مسند أحمد:ج5/ص388 ح23347
[13] مسند أحمد رقم 18345
[14] صحيح مسلم  رقم 134
[15] سنن الترمذي رقم 2621
[16] المعجم الوسيط  رقم 1727

هناك تعليق واحد:

  1. ما هو عقاب تارك الصلاة في الدنيا والآخرة والبرزخ

    ردحذف