......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأحد، 12 يناير 2014

المبحث الثامن : " التيمم و أحكــامــه "


ويشتمل على المطالب الآتية :

المطلب الأول: تعريفُ التيمم وبيان حكمه و مشروعيته  
  
 أولا: تعريفه:
أ‌-لغــــة: هو : القصد ، ومنه قوله تعالى: "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" (البقرة267). أي لا تقصدوه .
ب‌-   اصطلاحا: هو "طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين بنية".
   ثانيا: حكمه:
التيمم رخصة[1] جائزة ، وقد يصل إلى حد الوجوب ، كما لو خشي الهلاك على نفسه  ، وحضره وقت الصلاة ، فيجب عليه أن يتيمم ؛ لئلا يلحق بنفسه ضررا ، و لا يفوته أداء الصلاة في وقتها.
   ثانيا: مشروعيته:
والتيمم مشروع بدلا عن الوضوء والغسل عند وجود سبب من أسبابه ، وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع:
v    فمن الكتاب: قوله تعالى: "وإن كنتم مرضى أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد اللَّه ليجعل عليكم من حرج"(المائدة 6).
v    ومن السنة:
§        قوله صلى الله عليه وسلم – لمن أصابته جنابة ولم يجد ماء - :"..... عليك بالصعيد فإنه يكفيك)[2].
§   وقوله صلى الله عليه وسلم :"جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده طهوره"[3].
§        وقوله صلى الله عليه وسلم:" الصعيد وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين"[4].

وأما الإجماع : فقد أجمعت الأمة على أن التيمم يقوم مقام الوضوء والغسل، عند وجود سبب من أسبابه ، فَمَنْ جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لثبوته بالنصوص القطعية.
   رابعا : سبب مشروعيته:
روت عائشة رضي الله عنها ، قالت: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره [5]، حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة ؟ فجاء أبو بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم على فخذي قد نام ، فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعن بيده خاصرتي فما يمنعني من التحرك إلا مكان النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فنام حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم (فتيمموا) فقال السيد بن حضـــير:
ما هي أول بركتكم يا آل أبي بكر !! فقالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه ، فوجدنا العقد تحته"[6].
خامسا: الحكمة من مشروعيته:
1-    إدراك الصـــــــــلاة عـلى وقتها .
2-    رفع الحــــــــــرج عن المكلفين .
3-    تعظيم الله تعالى بامتثال أوامره .

المطلب الثاني: الأسباب المبيحة  للتيمم

أولاً: فقد الماء حقيقة:

فمن لم يجد ماءً[7] - أصلا - انتقل إلى بدله وهو  التيمم[8] ؛ لقوله تعالى : "فلم تجدوا ماء فتيمموا" ، وقوله صلى الله عليه وسلم - لمن أصابته جنابة ولم يجد ماء - :"..... عليك بالصعيد فإنه يكفيك)[9].

ثانيا: فقد الماء حكما:

كمن و جد من  الماء ما لا يكفيه للطهارة ، فينتقل إلى التيمم أيضا ، تطبيقا للقاعدة الفقهية : "المعدوم شرعا كالمعدوم حسا".

ويتفـــرع عــنــها مـــــا يلي :

§        فقد المناول للماء أو الآلة التي يستخرجه بها كالحبل أو الدلو.
§        الحاجة إلى الماء للشرب أو الطبخ ، بأن يخشى هلاك نفسه ، أو هلاك غيره من الناس، أو هلاك حيوان محترم.
§        الخوف من تلف مال ذي قيمة إن هو اشتغل بالبحث عن الماء ، سواء كان المال له أو لغيره .
§        الخوف من خروج وقت الصلاة إن هو اشتغل باستعمال الماء ، سواء كان الوقت اختياريا أو ضروريا[10].
§        إن كان ما وجده من الماء غير مباح ، كأن يكون الماء موقوفا للشرب فقط ، وكمياه آبار ثمود.

ثالثا: عدم القدرة على استعمال الماء حقيقة و حكما:

فمن كان مريضا أو به أذى ً من جراح و نحوها ، وخاف الضــرر باستعمال الماء ، أو خاف زيادة المرض أو تأخر الشـــــفاء   - سواء عرف ذلك بالتجربة أو بإخبار ثقة من الأطباء - جاز له الانتقال  إلى التيمم ؛ لقوله تعالى :"وإن كنتم مرضى أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد اللَّه ليجعل عليكم من حرج"(المائدة 6).
وكذلك إذا كان الماء شديد البرودة - وعجز عن تسخينه ولو بالثمن أولم يتيسر له دخول الحمام - وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله  ، جاز له الانتقال  إلى التيمم ؛ لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه ، أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قــــال:
 "احتملت في ليلة شديدة البرودة ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فقال: (يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟). فقلت: ذكرت قول الله عزوجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). فتيممت ثم صليت ، فضحك رسول الله ولم يقل شيئا"[11].
وفي هذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم لعمرو..

المطلب الثالث: شروط التيمم

شروط[12] التيمم اثنا عشر شرطا ، وتنقسم إلى ثلاثة أقســام: وهـــي كالآتي:
أولا: شروط الوجوب: أربعة ، وهـــي:
1 - البلوغ ؛ لعدم التكليف.
2 - القدرة على التيمم ، فلا يجب على من عجز عنه ؛ إذ لا تكليف إلا بمقدور.
3 - ثبوت الناقض للوضوء ، فلا يجب من كان متوضئا.
4 - بلوغ الدعـوة ؛ لقوله جل في علاه :  "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"(الإسراء15)

ثانيا: شروط الصحة: ثلاثة ، وهـــي:
1 - الإسلام ؛ لاشتراطه في صحة سائر العبادات.
2 - عدم وجود الحائل على الوجه واليدين ، والحائل هو كل ما يمنع وصول التراب إلى البشرة.
3 - عدم وجود المنافي ، أي عدم وجود ما ينقضه أثناء فعله[13].

ثالثا: شروط الوجوب والصحة معا : خمسة ، وهـــي:
1- دخول الوقت[14]: فلا يتيمم لفريضة إلا بعد دخول وقتها[15] ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم : " ..فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده طهوره "[16] والإدراك لا يكون إلا بعد دخول الوقت.
2 - العقل ؛ لعدم التكليف ، وعدم صحة النية من المجنون ؛ لكونه لا قصد له.
3 - عدم النوم والغفلة؛ لرفع القلم عن النائم ، والتجاوز عن الخطأ والنسيان.
4 - الخلو من الحيض والنفاس ، فلا يجب على الحائض والنفساء ، و لا يصح منهما.
5 - وجود الصعيد الطاهر؛ فلا يجب على من عدمه ، و لا يصح على غيره.

فـــــــرع: حكم فاقد الطهورين

أختلف فقهاء المذهب فيمن لم يجد ماء ولا صعيدا طيبا ، كمن كان سجينا أو تحت هدم أو على متن طائرة... فــقــــيل:
§        لا يصلي و لا يقضي.  وهو المشهور عن مالك.
§        يصــــلي ويقـــضــي.  وهو قول ابن القاسم و مطرِّف وابن عبد الحكم.
§        لا يصــلي ويقضـــي.  وهو قول أَصْبَغُ واختاره ابن حبيب.
§        يصـلي و لا يقضـــي.  وهو قول أشهب ، وهو الأرجح دليلا .

وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَاصِلَ بِقَوْلِهِ [17]:

ومـــن لم يجــــد مــاءً ولا مُتَيَمَّمًا  **  فأربعة ُ أقــــوال يَحكين مذهــــبا
يصلى ويقضي عكسُ ما قال مالكٌ  **  وأُصْبـَـغُ يَقْضِي والأداءُ لأشهـبا

المطلب الرابع: فرائض التيمم

للتيمم خمس فـــرائض، وهـــــي :

أولا : النــية:

v    ووقــتها:  عند الضربة الأولى - وتجزئ عند مسح الوجه على الأظهر - ؛ لأن الله أوجب قصد الصعيد قبل المسح ، فقال
     تعالى:" فتيمموا صعيدا طيبا" ، بخلاف الوضوء فإن أول واجباته غسل الوجه ؛ لقوله تعالى:" فاغسلوا وجوهكم ".     
     لذلك كانت النية فيه عند غسل الوجه لا عند قصد الوضوء.
v    وحقيقتها: أن يقصـــــد المكلف بقلبه استباحــة الصــــــلاة ، أو استباحة مــــا منعه الحــــــــدث ، أو فــــرض التيمم.
وها هنا فروع هامة نذكرها فيما يلي:
1)    لا يصح أن ينوى رفع الحدث ؛ لأن التيمم مبيح للعبادة وليس رافعا للحدث على المشهـور من مذهب مالك[18].
2)    يندب أن ينوي - إن كان الحدث أكبر- استباحة الصلاة من الحدث الأكبر والأصغر معا.
§        فإن اقتصر على نية الأكبر أجزأه عن الأصغر.
§        وإن اقتصر على نية الأصغر لم يجزئه عن الأكبر وعليه إعادة الصلاة أبدا.
§        وإذا أعتقد أن عليه الأكبر فنواه ثم تبين له خلافه أجزأه.
3)    أما إذا نوى فرض التيمم أجزأه عن الأصغر والأكبر ، ولو لم يلاحظ هذا الأخير  في نيته.
4)    يندب تعيين الصلاة هل هي فرض أم نفل أم هما معاً .
·   فإن نوى بتيممه فرضا فلا يصح أن يصلي به فرضا آخر[19]، ويصح أن يصلي به ما شاء من النوافل ، وأن يمسّ المصحف ويقرأ القرآن ، ويطوف بالبيت طوافا غير واجب ،
·   وإن نوى بتيممه نفلا لم يصح أن يصلي به  فرضاً ، ويجوز له أن يصلي به نفلا آخر، وأن يمسّ المصحف ويقرأ القرآن ، ويطوف بالبيت طوافا غير واجب .
·        وإن أطلق النية دون تعيين صلى فرضاً واحداً ، وله أن يتبعه بما شاء من النوافل.

ثانيا:الضربة الأولى:

  وهي : أن يضع كفيه على الصعيد الطاهر ، وأما الضربة الثانية فسنة كما سيأتي.

ثالثا: تعميم الوجه واليدين إلى الكوعين بالمسح:

v    ويندب أن يكون المسح خفيفا ، وأن يكون بكــلتي يديه ، وإن مسح بيد واحدة أجزأه.
v    ويراعي في مسح وجهه وترة الأنف ، وما غار من العين ، من غير مبالغة.
v  و لا يخلل لحيته ولو خفت ، و لا يتتبع تكاميش الوجه كأساير الجبهة وما أشبهها ؛ لأن التيمم مبناه على التخفيف ، وفعل ذلك من الغلو المذموم شرعا.
v  ويعمم مسح يديه إلى الكوعين ، ظاهرا وباطنا ، فإن ترك شيئا منهما لم يجزئه تيممه على المشهور ، وأما مسحهما إلى المرفقين فليس بواجب ، بل هو سنة كما سيأتي بيانه.
v    ويجب أن يخلل أصابعه ، وأن ينزع خاتمه لو كان واسعا مأذونا فيه ؛ لأن المسح لا يبلغ مبلغ الماء .


رابعا: استعمال الصعيد الطاهر:

v  وَالْمرَاد بالصعيد: كل مَا صعد على وَجه الأَرْض من أَجْزَائِهَا[20] ، فيشمل التراب (وهو الأفضل) ، والرمل ، والحجر، والجص الذي لم يطبخ ، وكذا الثلج ؛ لأنه أشبه بالحجر الذي هو من أجزاء الأرض ، والمَعْدِن غير المنقول من مقره [21]، كالشب والملح والحديد والرصاص والقصدير والكبريت ، فيجوز التيمم عليها مع وجود غيرها ، ما لم تنقل من مقرها.

§   ويستثنى من المعادن: معدن النقد من ذهب و فضة وجوهر وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، فلا يجوز التيمم عليها ، ولو في محلها ؛ لأنها مما لا يحصل به ذل العبودية لله العظيم .
§   وكذلك لا يجوز التيمم على الخشب والحشيش ولو ضاق الوقت ولم يجد غيرها ، ولا على حصير مغبّر، ما لم يستر بالغبار، فعندها يعتبر التيمم على التراب.
§        ويستثنى من الصعيد ما كان في أرض ثمود ، قياسا على مائها كما سبق.

v  وَالْمرَاد بالطاهر: أي غير النجس، فإذا مسته نجاسة لم يصح التيمم عليه ، ولو زال عين النجاسة وأثرها ؛ لقوله تعالى: "فتيمموا صعيداً طيباً". أي طاهرا.
فإن تيمم على صعيد نجس أعاد الصلاة في الوقت الاختياري على المشهور ،  وقيل يعيد أبدا.

خامساً: الموالاة:

وهي متابعة أركان التيمم بدون فاصل زمني طويل ، فإن فصل بين أركان التيمم بزمن يسير أجزأه ، وإن طال الفصل ابتدأ تيممه من جديد ، و لا يبني مثل الوضوء ولو كان عاجزا أو ناسيا.
كما تجب الموالاة بين  التيمم والصلاة ، فلو فصل بين تيممه وصلاته بشيء غير الإقامة بطل تيممه على المشهور ، ويجب عليه إعادة الصلاة ؛  لذا كان دخول الوقت شرط وجوب وصحة فيه ، فلا يتيمم لصلاة إلا بعد دخول وقتها[22].

المطلب الخامس: سنن التيمم ومستحباته
أولا : سنن التيمم:
للتيمم أربع سنن ، وهــــــــــــــــي:
1-    الترتيب: بأن يمسح الوجه أولاً ثم اليدين ، فلو عكس أعاد مسح اليدين، إن قرب الفصل ، ولم يصلّ بتيممه ، أما إن طال الفصل ، أو كان صلى به ، فات الترتيب ، وصح التيمم والصلاة.
2-    الضرب الثانية على الصعيد لمسح اليدين: فإن اقتصر على ضربة واحدة  صح تيممه وصلاته ، وفاتته السنة.
3-    مسح اليدين من الكوعين إلى المرفقين: اقتداء به - صلى الله عليه وسلم- وقياسا للتيمم على الوضوء.
4-    نقل أثر الضرب من الغبار إلى العضو الممسوح: وذلك بأن لا يمسح كفيه على شيء قبل مسح الوجه واليدين ، فأن فعل ذلك صح تيممه مع الكراهة وفوت السنة[23].

 ثانيا: مستحبات التيمم:

للتيمم مستحبات عديدة ، أهمها:
1-      التسمية.
2-      السواك.
3-      التيمم في موضع طاهر.
4-      الصمت إلا عن ذكر اللَّه.
5-      استقبال القبلة.
6-      تقديم اليد اليمنى على اليسرى في المسح.
7-      التيمم على تراب غير منقول.
8-      وضع اليدين على الصعيد برفق.
9-      نفض اليدين نفضا خفيفا.
10-البدء بأعلى الوجه وأطراف الأصابع.
11- مسح الوجه باليدين معا.
12-اتباع الهيئة المشروعة في المسح.

 وهــــي كالأتي:

"أن يمسح وجهه من أعلاه إلى أسفله ، ثم يجعل ظاهر يده اليمنى من طرف أصابعها بباطن  كف يده اليسرى ، ويمر اليسرى إلى مرفق اليمنى ، ثم يجعل باطن اليمنى في كف اليسرى ، و يمر اليسرى إلى آخر أصابع اليمنى ، ثم يخلل الأصابع ، ويفعل بيسراه مثل ما فعل بيمناه".

المطلب السادس: مبطلات التيمم و مكروهاته

أولا : مبطلاته:

1-    كل ما يبطل الوضوء ، من الأحداث والأسباب وغيرها ، يبطل التيمم . ويزاد على ذلك أمور هي:
2-    وجود الماء قبل الدخول في الصلاة ، إن اتسع الوقت للوضوء وإدراك ركعة بسجدتيها[24].
3-    رفضه ، أي نية إبطاله ، سواء كان ذلك أثناء التيمم أو بعده.
4-      طول الفصل بين التيمم والصلاة لفوات الموالاة.
5-    تذكر يسير الفوائت لمن تيمم لحاصرة.

ثانيا: مكرهاته:

1-      الزيادة في المسح على المرة الواحدة.
2-      كثرة الكلام في غير ذكر اللَّه تــعالى.
3-      ترك سنة من سننه أو مستحب من مستحباته ، وترك السنة أشد كراهة من ترك المستحب.
4-      مسح ما علق باليدين من الغبار بمنديل و نحوه.
5-      التيمم في موضع نجس.
6-      التنكيس ، بأن يقدم مسح يديه على مسح وجهه.
7-      عدم مراعاة صفة المسح المستحبة ، التي بيناها آنفا.

المطلب السابع: ما يباح فعله بالتيمم

التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء أو عد القدرة على استعماله ، فيباح به كلما يباح بهما ، من صلاة وطواف ،    ومس المصحف ، ودخول المسجد والمكث فيه.
v    فإذا كان المتيمم مسافرا أو مريضا ، جاز له كل ذلك تبعا للفرض أو استقلالا عن الفرض .
v    أما إذا كان المتيمم حاضرا صحيحا :
§        فلا تجوز صلاة الجنازة إلا إذا تعينت عليه.
§        و لا يجوز له دخول لمسجد إلا لضـــرورة.
§        ولا تجوز له النوافل ومس المصحف إلا تبعا للفرض.

حكم التيمم لصـــلاة الجمــعة؟
§        من فقد الماء ولم يكن آملا في الحصول عليه البتة ، جاز له أن يصلي الجمعة بالتيمم.
§        أما من خشـــي فواتها إن هو اشتغل بطلب الماء ، صلاها ظهــــرا على المشهـــــور.
وقـيل يصليها بالتيمم ؛ لأنــــها فرض يومها وهي متعينة عليه. والله أعلم بالصـواب.

هل يجوز لمن تيمم لفرض أن يتنفل قبله ؟

يجوز لمن تيمم لفرض أن يتفل قبله أو بعده ، ولكن إذا تيمم قبله وجب عليه أن يعيد له التيمم من جديد ، وإلا لم يصح.

المطلب الثامن: المتيممون الذين تلزمهم إعادة الصلاة

أولا: من تستحب لهم الإعادة في الوقت الاختياري.

1-    الواجد للماء الذي بحث عنه بقربه ، أو في متاعه أو بيته أو سيارته ؛ فيعيد لأنه قصر في البحث إذ لو تبصر لوجده.
ومثل ذا من عادته أن يضع خادمه أو زوجته الماء في متاعه أو منزله أو مكتبه أو مركبه..فتيمم دون البحث عنه ، ثم وجده في الوقت.
2-    الناسي للماء الذي معه ، إذا تذكره بعد الصلاة ، أما إن تذكره أثناءها فتبطل عليه ، بشرط أن يتسع الوقت وإلا فلا.
3-    المريض الذي من عادته أن يتردد عليه من يناوله الماء ، إذا صلى بالتيمم ثم وجد المناول.
4-    المتيمم خوفا من لص أو حيوان ، إذا تبين له بعد صلاته خلاف ما توهمه.
5-    الراجي لوجود الماء إذا صلى بالتيمم في أول الوقت أو في وسطه ، ثم وجد ما كان يرجوه من الماء.
ومثله من تردد في وصوله إلى الماء أوصول الماء إليه ، إذا صلى بالتيمم في أو الوقت أو وسطه ، ثم وصله الماء أو وصل هو إليه[25]

ثانيا: من تجب عليهم الإعادة أبدا.

1-    من صلى بالتيمم دون أن يبحث عن الماء ، ثم وجده.
2-    من وجد الماء قبل الدخول في الصلاة ، إذا كان قادرا على استعماله.
3-    المتيمم على نبات الأرض كالحشيش وجذوع الشجر، مع وجود غيره من الصعيد الطيب.
4-  المتيمم على المعادن النفيسة كالذهب والفضة واللؤلؤ والمرجان ... أو على المعادن المنقولة كالشب والملح والحديد والرصاص ... أو على الجدران المطبوخة أو المكسوة بالمطبوخ.
5-     الناوي بتيممه رفع الحدث ، و الجنب إذا لم ينو استباحة الصلاة أو فرض التيمم.




[1] الرخصة : ضد العزيمة ، وهي : وهي من أقسام الحكم الوضعي ، ومعناها :" ما شرع لعذر شاق، استثناء من أصل كلي يقتضي المنع، مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه".
[2] صحيح البخاري . كتاب :التيمم ( 7) . باب : الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء(5). رقم(337).
[3] مسند الإمام أحمد : ج 2 / ص 222
[4] أخرجه أحمد في مسنده . رقم : 20923.
[5] وقد كان ذلك في شعبان سنة ست من الهجرة ، في غزوة المُرَيْسِيع.
[6] صحيح البخاري . كتاب :المناقب ( 43) . باب : قول النبي صلى الله عليه وسلم "لو كنت متخذا"(33). رقم(3672).
[7] وإن وجد ماء بالثمن ، وجب عليه  شراؤه  بالثمن المعتاد ولو قرضا ، كأن يشتريه إلى أجل معلوم ، أو يقترض الثمن إن كان غنيا في بلده ، بشرط أن لا يكون محتاجا إلى ثمن الماء في حاجياته.
[8] ولكن قبل الانتقال إلى التيمم يجب عليه أن يطلب الماء ، طلبا لا يشق عليه عادة، فإذا تيقن عدمه ، أو أنه بعيد عنه ، فلا يجب عليه الطلب.
والطالبون للماء ثلاثة أنواع:
(1) يائس مـن وجود الماء ، وحكمه أن يصلي في أول الوقت الاختياري.
(2) متردد في وجود الماء ، وحكمه أن يصلي في وسط الوقت الاختياري.
(3) راج لوجـــــــود الماء ، وحكمه أن يصلي في آخر الوقت الاختياري.
[9] صحيح البخاري . كتاب :التيمم ( 7) . باب : الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء(5). رقم(337).
[10] فإن ظن أنه يدرك من الصلاة ركعة في وقتها إن توضأ أو اغتسل فلا يتيمم ويتعين عليه أن يقتصر على الفرائض دون السنن والمندوبات إن خشي فوات الوقت بفعلها.
[11] رواه أحمد وأبو داود والحاكم والدار قطني وابن حبان.
[12] الشرط هو : "مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لِذَاتِهِ". وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الركن: هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ خَارِجًا عَنِ الْمَاهِيَّةِ ، وَالرُّكْنُ يَكُونُ دَاخِلاً فِيهَا ، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ.
[13] وبعضهم يذكر شرطا رابعا ، وهو:"اتصاله بالعبادة"، فلا يصح إن فصل بينه وبينها.
[14] وبعضهم يعدونه من فرائض الوضوء ، فهناك تداخل بين الفرائض والشروط عند المالكية.
[15] ووقت الفائتة حين تذكرها فمن تيمم لصبح فتذكر أن عليه العشاء فلا يجزئه هذا التيمم .   
[16] مسند الإمام أحمد : ج 2 / ص 222
[17] أنظـــر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير. 1 / 146.

[18] لقد اختلف لعلماء في هذه المسألة على مذهبين:
أولهما:  مذهب الجمهور: قالوا أن التيمم لا يرفع الحدث . وثانيهما: مذهب الأحناف وداود الظاهري و بعض أصحاب مالك: قالوا أن التيمم يرفع الحدث ، ولكل حجته ودليله ، وتظهر ثمرة الخلاف في عدة أمور ، منها : (1) هل يجوز المسح على الخفين لمن لبسهما على طهارة ترابية ؟ فعلى المذهب الأول لا يجوز وعلى الثاني يجوز.(2) هل تجوز إمامة المتيمم للموضئ ؟ فعلى المذهب الأول تجوز مع الكراهة ، وعلى الثاني تجوز دون كراهة.(3)هل تجوز مجامعة الزوجة إذا انقطع حيضها ولم تجد ماء فتيممت ؟ فعلى المذهب الأول لا تجوز ، وعلى الثاني تجوز.    
[19] لأنه لا يصح  صلاة فرضين بتيمم واحد ، ولو كانت الصلاة فائتة ، أو كانت الثانية مشتركة مع الأولى في الوقت كالظهر مع العصر.

[20] لقوله – صلى اله عليه وسلم - : "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "(صحيح البخاري رقم335).
[21] لأنه إذا نقل صار مالاً بأيدي الناس فلا يجوز التيمم عليه.
[22] وحجة المالكية ومن وافقهم : ظاهر آية سورة المائدة(6) فقد أوجب الشارع فيها الوضوء عند القيام إلى الصلاة ، ولو كان القائم متطهرا ،  ثم نسخ ذلك بالسنة وبقي التيمم على أصله. وهذا الدليل لا يقوى على مجابهة ما احتج به الأحناف والحسن والثوري والقاضي أبو إسحاق من المالكية ، الذين قالوا لا يشترط دخول الوقت لصحة التيمم ولا اتصاله بالعبادة ، فللمتيمم أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل، فحكمه كحكم الوضوء، سواء بسواء، وحجتهم: - القياس على مسح الخف وإزالة النجاسة ، فكل منهما يصح قبل دخول الوقت و لا يشترط  فيه الاتصال بالعبادة.   -  ولأن الوقت قبل الدخول صالح للمبدل (وهو الوضوء و لا يغسل) فيصلح للبدل (وهو التيمم). وهذا القول يتماشى مع روح الشريعة ومقاصدها الهادفة إلى رفع الحرج والمشقة عن المكلفين ،  ولا يخفى ما في القول الأول من الحرج والعنت ، علاوة على خلوه من الدليل الواضح الدلالة ، والله تعالى أعلى وأعلم.
[23] وهذا لا ينافي نفض اليدين نفضاً خفيفاً إذا علق عليهما شيء من التراب، لحديث عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، وفيه: "أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه"(البخاري: ج 1/ كتاب التيمم باب 3/331)
[24]  أما من وجد الماء أثناء الصلاة أو بعد الانتهاء منها ، فلا يبطل تيممه ويجب عليه الاستمرار في الصلاة ، ولو اتسع الوقت ، ولا إعادة عليه ، ولو كان حاضرا صحيحا ، إلا إذا كان تيمم دون بحث عن الماء مع ظنه أو شكه بوجوده،  ولم يكن هناك مشقة في طلبه ، ثم وجده أثناء الصلاة أو بعدها بقربه أو في رحله،  فيبطل تيممه وصلاته .
[25] أما المتردد في وجود الماء فلا تجب عليه الإعادة مطلقا.

هناك تعليق واحد: