......................................................................... ..... ..................................كل الحقوق محفوظة لمؤلف المدونة

بحث في هذه المدونة

الأحد، 7 أكتوبر 2012

مكانة الجمعة والتحذير من الانشغال عنها


خطبة الجمعة بمسجد مالك بن أنس – التلاغمة - الجزائر
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد :
يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) { الجمعة 9} أيها الإخوة المؤمنون : لقد شرع الله لنا أحكاما عديدة ، وما من حكم شرعه الله تعالى إلا لمصلحتنا ومنافعنا في دنيانا وأخرانا ، ومن ذلك مشروعية صلاة الجمعة ، التي افترضها الله على كل مسلم بالغ عاقل حر صحيح مقيم ، وقد جعل الجماعة شرطا في صحتها ؛  لتتجلى مظاهر الوحدة والأخوة في هذا الاجتماع العظيم ، ويتجدد فيه التعارف والتقارب بين المسلمين ، وتستعيد فيه الروح بهجتها وسرورها .  
فضله: وما طلعت الشمس على يوم أفضل من هذا اليوم الشريف والعيد المبارك ، ففيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، وفيه الساعة تقوم ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه ما سأل ، وهو يوم دعيت إليه الأمم قبلنا فضلت عنه، وهدانا الله إليه، فاحمدوا الله - أيها المسلمون – وحققوا في هذا اليوم ما دعاكم الله إليه بقوله تعالى: " فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ " واحذروا التخلف عنه  فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونُن من الغافلين "[أخرجه النسائي في "الكبرى" 1670 ] وقال أيضا : " من ترك ثلاث جمع متهاونًا طبع الله على قلبه " [ أخرجه الترمذي في سننه (640)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/178)، وقال حسن صحيح ]. 
فوائده: وقد  شرع الله لنا في هذا اليوم المبارك من العبادات ما فيه ترويض لأنفسنا ، وتزكية لأرواحنا وتصفية لعقائدنا ، ومحو لذنوبنا ، وتقوية للروابط بيننا ، ومن ذلك الاغتسال والتطيب ، والتبكير والصدقة وقراءة القرآن ، والإكثار من ذكر الله تعالى والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم ، وتجنب كل مؤذ كالثوم والبصل ونحوهما .
التحذير من الشواغل وبيان حكم تحية المسجد والإمام يخطب: واحذروا – أيها الإخوة – من التشاغل عن سماع خطبة الجمعة ؛ لكيلا تضيع المصلحة التي شرعت من أجلها ، ولا تجعلوا حظكم منها أن تهزوا لها رؤوسكم معجبين بروائع الخطاب ، فذلك لا يفيدكم في شيء ، ولكن وجهوا لها قلوبكم ، معظمين لما يتلى عليكم من كلام الله ورسوله ، ومتأملين لما يوجه إليكم من الآداب والأحكام ، ومما بنبعي أن نحذره :
1- الكلام والإمام يخطب ، فقد جاء عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أنه قال : " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب أو مس الحصى فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له " وهذا نفي للثواب لا للإجزاء ، أي صلاته صحيحة لكن لا ثواب له ، وفي حديث آخر : " من تكلم والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا ، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة "
 [ أحمد في كتاب الصلاة / الفصل الثالث / حديث رقم : 1397 ]               
2- تخطي رقاب الناس ، فقد رأى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - وهو يخطب رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له:"اجلس قد آذيت وآنيت"[ أخرجه النسائي رقم (1382)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/175).]  والمراد بالإيذاء : انتهاكه حرمة المسلمين بتخطي رقابهم ، والمراد بآنيت : أي تأخرت عن المجيء إلى الجمعة ، وقد أخذ علماؤنا من هذا الحديث عدم مشروعية تحية المسجد أثناء الخطبة ، لأن النبي أمر الرجل بالجلوس ولم يأمره بركعتي التحية ، ولو كانت مشروعة لأمره بها ، فليعلم إخواننا الذين يصلون هتين الركعتين أثناء الخطبة ، أنهم  يرتكبون فعلا محظورا ، وأنهم يتبعون في ذلك قولا مرجوحا ، يستند إلى حديث سليك الغطفاني الذي دخل المسجد والنبي يخطب فجلس ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " قم صل ركعتين "[ أخرجه البخاري في صحيحه رقم889 ] فإن هذا الحديث أجاب عنه علماؤنا بأنه قضية عين ، أي خاصة بذلك الشخص ، ولا تتعداه إلى غيره ، فقد كان هذا الرجل فقيرا ، و مظاهر الفقر ظاهرة عليه ،
فأراد النبي أن يلفت انتباه الناس إليه ؛ ولذلك لما أمره بالقيام حث الناس على الصدقة ، ومما يؤيد رجحان القول بعدم مشروعية تحية المسجد أثناء الخطبة : أن الاستماع إلى الخطبة واجب باتفاق العلماء ، لقوله تعالى : " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " { الأعراف 204} وأما تحية المسجد فهي مستحبة بالاتفاق أيضا ، وقد أجمع العلماء على أنه: " إذا تزاحمت مصلحتان جلب أعلاهما " وقد تزاحمت هاهنا تحية المسجد وهي مستحبة مع الاستماع إلى الخطبة وهو واجب ، والواجب أعلى وأعظم من المستحب ، فتعين ترك المستحب لأجل تحصيل الواجب . جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأصوبه وأرجحه ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق